قد قَدِم العُجْبُ على الرويسِ |
|
وشارفَ الوهدُ أبا قُبَيْسِ (١) |
وطاول البَقْلُ فروعَ الميسِ |
|
وهبّت العنزُ لقرْعِ التيْسِ (٢) |
وادّعت الرومُ أباً في قيسِ |
|
واختلط الناسُ اختلاطَ الحَيْسِ (٣) |
إذْ قرأ القاضي حليفُ الكَيْسِ |
|
معانيَ الشعرِ على العبيسي |
وألقى ذلك إلى التنوخي وانصرف.
قال : ومدح أبا القاسم التنوخي فرأى منه جفاءً ، فكتب إليه :
لو أعرضَ الناسُ كلُّهمْ وأَبَوا |
|
لم يَنْقصوا رزقي الذي قُسما |
كان ودادٌ فزالَ وانصرَما |
|
وكان عهدٌ فبانَ وانهدما |
وقد صَحبنا في عصرنا أمماً |
|
وقد فَقَدْنا من قبلهمْ أمما |
فما هلكنا هزلاً ولا ساختِ ال |
|
أرضُ ولم تَقْطُرِ السماءُ دما |
في اللهِ من كُلِّ هالكٍ خلفٌ |
|
لا يرهبُ الدهرَ من به اعتصما |
حرٌّ ظننّا به الجميلَ فما |
|
حقّقَ ظنّا ولا رعى الذِّمَما |
فكان ما ذا ما كلُّ معتمدٍ |
|
عليه يرعى الوفاءَ والكرما |
غلطْتُ والناسُ يَغْلَطُون وهلْ |
|
تعرفُ خلْقاً من غَلْطَةٍ سَلِما |
من ذا إذا أُعطي السدادَ فلمْ |
|
يُعرَفْ بذنبٍ ولم يَزِلْ قَدَما |
شلّت يدي لِمْ جلستُ عن تفهٍ |
|
أكتبُ شجوي وأمتطي القلما |
يا ليتني قبلها خَرِسْتُ فَلَمْ |
|
أُعْمِلْ لِساناً ولا فتحتُ فما |
يا زلّةً ما أُقِلْتُ عثرتَها |
|
أَبقَتْ على القلبِ والحشا ألما |
من راعهُ بالهوانِ صاحبُهُ |
|
فعادَ فيهِ فنفسَهُ ظَلَما |
__________________
(١) الرويس : تصغير روس ، وهو السيء. يقال : رجل روس أي : رجل سوء. والتصغير للتحقير. الوهد : المنخفض من الأرض. (المؤلف)
(٢) الميس : نوع من الكرم. وهبّت : نشطت وأسرعت. (المؤلف)
(٣) الحيس : تمر يُخلط بسَمن وأَقْط فيعجن وربّما جعل فيه سويق فيمتزج. (المؤلف)