الموضع المعروف بالعقيقة (١) ودرب الختليّة ، في دار بإزاء قصر عيسى بن جعفر بن منصور (٢).
كان ابن الرومي مولىً لعبد الله بن عيسى ، ولا يشكّ أنَّه روميّ الأصل ، فإنّه يذكره ويؤكّده في مواضع من ديوانه ، واسم جدّه مع هذا : جريج ـ أو جرجيس ـ اسم يونانيّ لا شبهة فيه ؛ فلا ينبغي الالتفات إلى من قال : إنّه سمّي بابن الرومي لجماله في صباه.
وكان أبوه صديقاً لبعض العلماء والأدباء منهم : محمد بن حبيب الراوية الضليع في اللغة والأنساب ، فكان الشاعر يختلف إليه لهذه الصداقة ، وكان محمد ابن حبيب يخصّه لما يراه من ذكائه وحدّة ذهنه ، وحدّث الشاعر عنه فقال : إنّه كان إذا مرّ به شيء يستغربه ويستجيده يقول لي : يا أبا الحسن ضع هذا في تامورك (٣).
وقد علمنا أنّ أمّه كانت فارسيّة من قوله : الفرس خُؤولي والروم أعمامي ، وقوله : فلم يلدني أبو السوّاس ساسان. بعد أن رفع نسبه إلى يونان من جهة أبيه ، وربّما كانت أمّه من أصل فارسيّ ، ولم تكن فارسيّة قحّا لأبيها وأمّها ـ وهذا هو الأرجح ـ لأنّ علمه بالفارسيّة لم يكن علم رجل نشأ في حجر أمّ تتكلّم هذه اللغة ، ولا تحسن الكلام بغيرها ، وماتت أمّه وهو كهل أو مكتهل كما يقول في رثائها :
أقول وقد قالوا أتبكي لفاقدٍ |
|
رضاعاً وأين الكهلُ من راضعِ الحَلَمْ |
هي الأمُّ يا لَلناسِ جزّعت فقدها |
|
ومن يَبْكِ أمّا لم تُذمْ قطُّ لا يُذَمْ |
وكانت أمّه تقيّة ، صالحة ، رحيمة ، كما يُؤخذ من أبياته في رثائها.
__________________
(١) في معجم الشعراء [ص ١٤٥] : في الجانب الغربي بالعتيقة. وهذا هو الصحيح. (المؤلف)
(٢) أخذه من أبي عثمان الخالدي. (المؤلف)
(٣) تامور الرجل : قلبه وعقله.