ومنها في وصف مرضه :
لقد قلّ بين المهدِ واللحدِ لَبثُهُ |
|
فلم ينسَ عهدَ المهدِ إذ ضُمَّ في اللحدِ |
أَلَحّ عليه النزفُ حتى أحالَهُ |
|
إلى صُفرةِ الجاديِ (١) عن حمرةِ الوردِ |
وظلَّ على الأيدي تَساقطُ نفسُهُ |
|
ويذوي كما يذوي القضيبُ من الرندِ (٢) |
ويذكر فيها أخويه الآخرين :
محمدُ ما شيء تُوهّم سلوةً |
|
لقلبيَ إلاّ زاد قلبي من الوجْدِ |
أرى أخويك الباقيينِ كليهما |
|
يكونان للأحزان أورى من الزنْدِ |
إذا لعبا في ملعبٍ لكَ لذّعا |
|
فؤادي بمثل النارِ عن غير ما عمْدِ |
فما فيهما لي سلوةٌ بل حزازةٌ |
|
يُهيجانها دوني وأشقى بها وحدي |
أمّا ابنه هبة الله فقد ناهز الشباب على ما يُفهم من قوله في رثائه :
يا حسرتا فارقْتَني فَنَنَاً |
|
غَضّا ولم يُثْمِرْ ليَ الفَنَنُ |
أبُنيّ إنّكَ والعزاءَ معاً |
|
بالأمسِ لُفّ عليكما كَفنُ |
وفي الديوان أبيات يرثي بها ابناً لم يذكر اسمه ، وهي :
حماه الكرى هَمٌّ سَرى فتأوَّبا |
|
فباتَ يراعي النجمَ حتى تصوَّبا |
أعينيَّ جودا لي فقد جُدتُ للثرى |
|
بأكثرَ ممّا تمنعانِ وأطيبا |
بُنيّ الذي أهديتُهُ أمسِ للثرى |
|
فلله ما أقوى قناتي وأصلبا |
فإن تمنعاني الدمعَ أرجِعْ إلى أسىً |
|
إذا فترتْ عنه الدموعُ تلهّبا |
وهي على الأرجح رثاؤه لأصغر أبنائه الذي لم يذكر اسمه ، ولا ندري هل مات
__________________
(١) الجادي : الزعفران. (المؤلف)
(٢) يذوي من ذوى النبات وذوي : ذبل ونشف ماؤه. الرند : نبات من شجر البادية طيّب الرائحة يشبه الآس. (المؤلف)