إبراهيم باشا بمقتضى قانون البدو وفرمان السلطان قايتباى بتحرير رسائل إلى حسن أغا كاشف الغربية وعلى أغا كاشف منوف ورؤساء البلوكات السبعة وبقية الأغوات بأن يتأهبوا بكامل أسلحتهم للمولد الشريف ، ويوصيهم بالحفاظ على ميدان المولد دون تقصير ، ويوصيهم بمنع انتشار الخمر وأماكن شرب البوظة وخيام البغايا ومنع أشقياء العربان والأشرار من الخروج إلى ميدان المولد.
وزيادة على المنحة التى يمنحها الباشا للمشايخ يقوم الباشا بإهداء ضريح البدوى قطعتين فن القماش الأخضر وبطمانين عود بخور وخمسين فثقالا فن عنبر وسجادة حرير وأخرى إبريشم واثنان فن شمع العسل ، ويعطى لكل رجل فائة بطمان فن الشمع ، ويسلم الباشا ذلك كله إلى فصطفى الروفى خليفة البدوى فيقوم كل المشايخ بتقبيل يد الشيخ ويدعون له بالخير ، ثم يبدأون فى التوحيد السلطانى فرة أخرى.
ويتعجب المفرطون من ذلك أشد العجب ، وبعد الانتهاء من الذكر والدعاء للباشا يحملون كل الأشياء التى منحها الباشا لهم ، ويقف رئيس الجلادين بعد ذلك فى ميدان القصر وينادى بصوت مرتفع مولد البدوى فى منتصف جماد الآخر ، ويذهب كل المشايخ والشباب والمريدون إلى خلواتهم فى صفوف وترتيب كأنهم أمواج ، وقد تحركت عواطفى لكى أشارك فى هذا المولد ، ولكنى سألت نفسى بأى طريق سأقوم بتلك الزيارة الواجبة ، وبعد المغرب جاءنى أحد الجنود الداخليين وقال لى تفضل يا سيدى إن الباشا صاحب الدولة يريدك ، وعلى الفور ذهب الحقير إلى إبراهيم باشا وكان الحديث عن مولد السيد أحمد البدوى ، وقد رأى الحقير أن هذه فرصة عظيمة اغتنمتها فقلت : يا سلطانى هلا أذنتم لنا بالمشاركة فى الدعاء بمولد البدوى ، فوافق الباشا على مطلبى ، وأصدر فرمانا بخروج على كتخدا معنا ، وأتى الكتخدا وأحسن على الحقير بمائة سكة (١) ، وقد نزلت ضيفا بمنزل إبراهيم أغا فى بولاق لمدة ثلاثة أيام بلياليها ، وتجمع فى بولاق فى تلك الليلة آلاف العاشقين الموحدين ، زينوا صفحة النيل المبارك بمئات الآلاف من القناديل
__________________
(١) السّكة : العملة المضروبة.