والمصابيح ، وانشغلوا بالذكر حتى الصباح ، وفى صباح اليوم التالى أقام نقيب الأشراف وليمة عظيمة فى تكية إبراهيم الكلشنى فى بولاق ، حضرها كل علماء وصلحاء ومشايخ مصر ، خاصة قاضى العسكر ، ومشايخ المذاهب الأربعة ، وتناولوا الطعام واشتغلوا بذكر الله ، وتصير تكية الكلشنى فى تلك الليلة مثل النور ، وقد ذكرنا ذلك من قبل عند وصف الموالد ، وبعد ذلك ينفض الجمع.
وفى صباح اليوم التالى يركب جميع مريدى البدوى وسائر مريدى الطرق الأخرى والبحارة فى اثنى عشر مركبا تسمى مراكب العقبة ، تتسع كل مركب منها لألفى رجل إنها مراكب تشبه القروانة ، الواحدة منها أربعة طوابق الطابق الأسفل عبارة عن المخزن وبه الطعام والشراب وسائر المهمات واللوازم ، والطابق الذى يعلوه خاص بالنساء ، ثم الطابق الخاص بمشايخ المريدين ، والطابق الذى يعلوه للفلاحين ومساعدى الربان والزوّار ، لقد شيد المركب طابقا فوق طابق ومقصورة فوق مقصورة ، ويستغرق كل فرد فى وجده وشوقه ، وهذه المراكب المذكورة من أوقاف السيد أحمد البدوى وتحصّل كل مصاريفها من وقف السيد أحمد البدوى ، وتزين صوارى تلك المراكب بالرايات والأعلام كما يقف المشايخ على جوانبها الأربعة يحملون آلاف القناديل والرايات ، وبخلاف تلك المراكب المسماة العقبة ، يستأجر آلاف الزوار والمشايخ حوالى مائتى قطعة من الزوارق والقوارب والسفن الصغيرة ، حيث يزينون صفحة نهر النيل ، وفى وقت الضحى يتحرك الموكب من مدينة بولاق باثنتى عشرة سفينة كبيرة تسمى «عقبة» وما يقرب من ستمائة أو سبعمائة مركب صغير تحمل جميعها حوالى أربعين ألف أو خمسين ألف شخص ، ثم يطلق الجنود الموجودون طلقة من البنادق وطلقة من المدافع ، ثم تدق طبول خليفة البدوى ، ويردد كل المريدين كلمة التوحيد ، وتسير المراكب مع اتجاه النيل ، وينفخ فى النفير.
وعندما يصل المريدون إلى المكان المواجه لإمبابه يقرأون الفاتحة ، ويعقدون النية على الذهاب إلى البدوى ، وفى هذه الأماكن بخلاف السفن استشعر الحقير الذوق والصفا مع