أهل القرية لنا ، ويخرج كل الزوار من المراكب وينزلون على شاطئها ويطهون الطعام ، وقد أخذ الشيخ مصطفى الرومى عشرة نعاج وطبخها وقدمها للجوعى والمساكين مصداقا لقوله ـ تعالى ـ : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) [الإنسان : ٨] فمما لا شك فيه أن هذا الجمع الكبير من الناس به المساكين والأيتام والفقراء حيث يتناولون الطعام جميعا ، وبعد الطعام والحمد والثناء يبدأ الذكر ، وفى وقت العشاء تسكن الرياح ويطلق الشيخ مصطفى طلقة مدفع من سفينته فيسير الموكب وتشعل آلاف القناديل في المراكب وتطلق السفن قذائف المدفعية والبنادق الفشنك.
وقد مررنا فى تلك الليلة ببلدان وقرى عامرة بالحدائق والبساتين وكأنها حدائق إرم ، وتزينت صفحة النيل المبارك بالسفن ، ويتولى الملاحون توجيه السفن يمينا ويسارا حتى يتمكنوا من اجتياز هذا المكان بسلام ، بينما الراكبون يذكرون ويرددون يا مولا يا فتاح ، وعندما يقول الشيخ مصطفى خليفة البدوى اذكروا الله يا إخوان ، يرد كل العاشقين والمشتاقين بكلمة التوحيد لا إله إلا الله ويبدأ المريدون فى التهليل فيصبح وجه النيل المبارك كله ذكرا لله ، ويغمر ماء النيل فى النور ويدهش كل الموحدون ويصيحون وقد غابوا عن الوعى من شدة الوجد ، وعندما يستمع أهالى القرى الواقعة على ضفاف النيل ، وتسير السفن على هذا النحو حتى صلاة الفجر وعند صلاة الصبح ترسو كل السفن على جانب النيل.
منزل قصبة التفاحية وهى قصبة عامرة تقع فى أراضى الغربية بها ثلاثمائة منزل وحدائق وبساتين نخيل وجامعين ذوى مئذنة رشيقة موزونة وما يقرب من أربعين أو خمسين حانوتا وحمام ، ولهذه القصبة ملتزم ، بالجهة الجنوبية لها ضريح السيد داود العرب وهو مجاور لجامع باسمه ، وللسيد داود العرب مولد كل عام يجتمع فيه أناس كثيرون ، إنه شيخ عظيم فى منزلة السيد البدوى وله مناقب فى طبقات الشعراوى ، ولو دخل قاتل أو لص أو مدين تكيته لا يستطيع الحاكم أن يقبض عليه ، وذلك لأن المتهم الذى يدخل التكية لو ثبت فى حقه أنه مذنب فإنه يتوب بمجرد دخوله التكية ، كما أن الدائن إذا دخل التكية يؤدى ما عليه ، إنه سلطان عظيم قدّس سره العزيز ، ويقوم كل