السواح على ضفاف النيل ومئذنته فى وسط الفناء ، وجامع الحاج منصور المغربى وهو جامع صغير ، وما عدا تلك الجوامع مساجد ، ولكن زاويتا الست رقية وبلال الحبشى فى غاية العمران ، وبالمدينة وكالتان وسبيلان وثلاثة مكاتب للصبيان ، وسبع مقاهى ومائتا دكان ، وتنتشر مئات الدكاكين فى أيام المولد ، وبالمدينة حمامان ولكنهما معطلان أيضا.
وكل الأعمدة الحجرية الموجودة بالجوامع والمساجد والوكالات وأحجار العتبات من الأحجار تشبه المسلة الموجودة فى «آت ميدانى» (١) فى إستانبول ، وكانت بالمدينة بعض العلامات الحجرية ، إلا أن الظاهر منها الآن أساسها فقط ، وعندما بنت الملكة دلوكة تلك المدينة قام الكهنة بعمل ثلاث مائة وست وستون طلسما بالمدينة ، وقام الملك سوريد ببناء جسر عظيم على النيل أمام مدينة زياك ، ولكنه هدم على يد بخت النصر وتظهر دعاماته عندما تنخفض المياه فى نهر النيل ، وهى عشرين دعامة قوية بين كل دعامة وأخرى خمسين ذراعا مكية (٢) وقد تيسر للحقير رؤية تلك الدعامات ذات مرة ، وتعبر السفن الذاهبة إلى رشيد من تلك الدعامات بحيطة وحذر ، وهذه المدينة القديمة أبنية غريبة وعجيبة ، كما تظهر تصاوير عجيبة وغريبة على الأحجار المختلفة على الحوائط ، وطرقها على هيئة لوحة الشطرنج لأنها بنيت على علوم الحكماء فى الزمن القديم ، ولوقوع المدينة على نهر النيل فإن هواءها لطيف للغاية وبها قرى عامرة.
وحول المدينة سبعة آلاف فدان يتم زرعها ، ونظرا لهجرة الأهالى للمدينة فإن النسبة انخفضت حتى وصلت إلى ألفى فدان فقط يحصل منها خمسون كيسا مصريا وبقية الأراضى الأخرى خاوية ، ويقام المولد بالمدينة مرة كل عام ويكون عشرة أيام بلياليها ، يتجمع به رجال كثيرون ، يبيعون ويشترون ليلا نهارا ، حيث يعمّر كل ركن من أركان
__________________
(١) اسم ميدان أمام مسجد السلطان أحمد كان الرومان البيزنطيون يستخدمونه ميدانا لسباق الخيل ، عمره بعد خراب السلطان محمد الفاتح وأصبح ميدانا لسباق الخيل ومباريات أخرى ، وكان الإنكشارية يحتشدون فيه معلنين الثورة. وفى القرن التاسع سمّى ب «ميدان السلطان أحمد».
(٢) الذراع المكى ـ ويقال الهاشمية ـ مقياس ، طولها ٦٤ سنتيمترا.