أنتم فدبروا حالكم ، وفى الصباح جاء أعرابى بناقة بيضاء جميلة إلى الشيخ وأعطاها له وقام الشيخ بتوديع الحضور فى المجلس وبينما كان الشيخ منشغلا بالذكر بقوله يا حى يا قيوم يا قوى يا متين أخذته الناقة على ظهرها وهرولت به كريح الصبا حتى خرجت من المدينة ، فتعجب المريدون من هذه الحال وأسرعوا خلف الناقة يبحثون عنها ، وقد وجدوا الشيخ يؤدى صلاة الظهر والناقة باركة بجواره ، وبعد الصلاة أرسل كل أحبائه إلى المدينة أما هو فجلس يذكر الله مع سبعة من الرجال ، ثم ركب الناقة وعزم على المسير وعندما رأى كل الحجاج هذا تحيروا ، حقا إنه سلطان صاحب قوة خارقة.
وقد قطع هذا الشيخ المراحل وطوى المنازل حتى وصل المدينة المنورة فى أربعين يوما ، وسارت به الناقة إلى باب السلام ، فقام الشيخ بتقبيل ضريح حضرة صاحب الرسالة ومسح وجهه بالروضة المطهرة ، ثم قال الرجل وهو يقف أمام روضة النبى صلىاللهعليهوسلم : (يا رسول الله لقد أحضرت لك جملا هدية وأتمنى أن تقبلها منى) وعلى الفور ظهر صدى من داخل القبر الشريف يقول : (يا محمد بن زين لقد قبلها الله أيضا وشفاعتى لك ، يا ابن زين إن ناقتك التى أحضرتها قد ماتت الآن لا تطعمها ولا تسقيها امتطيها واذهب إلى مكة وعرفات والمروة وبعد أربعين يوم سوف تذهب بك إلى النهارية لتدفنها هناك) ، وعندما استمع ابن زين لهذا الصدى من القبر الشريف حمد الله وقال لقد قبلت هديتى ، وعندما خرج وجد الدراويش الموجودين بجوار الصفة يصرخون ماتت الناقة ، فقال الشيخ محمد أيتها الناقة لقد سرت بى وأنت حية وسوف تسيرين بى وأنت ميتة بإذن الله ، فركب الناقة الميتة قائلا باسم الله وقال : (يا جمل قم بإذن الله) فنهض الجمل على قدميه وسار وهو ميت وذهب فى عشرة أيام إلى مكة وعرفات وأدى الشيخ الحج ، وقطع المنازل وطوى المراحل ، وفى اليوم الأربعين وصل إلى مدينة النهارية وهناك سكنت الناقة عن الحركة ، فقام الشيخ بتغسيلها بيده المباركة ودفنها ثم أنشئت بعد ذلك قبة عليها أطلق عليها قبة ناقة الله ويزورها كثير من الناس ، وقد شوهد ذلك كثير وشهد الذين ذهبوا إلى هناك بأنهم يسمعون ضجيج الإبل يخرج من القبر ، وفى تلك السنة توفى الشيخ ليحشر تحت لواء صاحب الرسالة قدّس سره العزيز.