نظرا لأنهم كانوا ضخام الجثة ، وقد خلفهم فى بناء الإسكندرية يعمر بن شداد وقد أنشأ يعمر المبانى بالأحجار القوية الكبيرة لذا يقولون بناء شدادى على المبانى القوية ، ثم بعد أن أتى جارود المؤتفكى وهو بعد عهد سليمان عليهالسلام أنشأ أعمدة كثيرة فى كل طرقات الإسكندرية ولا تزال آثار تلك الأعمدة والمغارات ظاهرة للعيان ، وقد حكمت مصر بعد ذلك الملكة دلوكة بنت زيباك وكانت قبل فرعون موسى بعشرين عاما ، وقد اتخذت تلك الملكة منوف عاصمة لها ، وقد عمرت مدينة الإسكندرية أيضا لأنها كانت تنتقل إليها لتغير الجو ، وآثارها من على بعد مائة ميل فى البحر.
وطبقا لما ذكره المؤرخ العالم محمد بن إسحاق فإن الإسكندر الأكبر قام بتعمير مدينة الإسكندرية ووسع فيها وعمرها وزينها بالعلامات والطلاسم قبل ميلاد النبى صلىاللهعليهوسلم بثمانمائة واثنين وثمانين سنة ، وقد أصبحت الإسكندرية فى عهده مدينة عظيمة لم ير مثلها على وجه الأرض ، ويتفق هذا الرأى مع رأى كل الأمم وأن الإسكندر الأكبر المذكور هو الإسكندر ذو القرنين ونسبه هو الإسكندر بن بنطى بن نعمان بن تارخ بن يافث بن نوح عليهالسلام وعلى قول آخر هو الإسكندر بن داراب بن بهمن بن اسفنديار ، ويقال والله أعلم أن الخضر عليهالسلام كان من جند الإسكندر حتى إنه ذهب معه ليأجوج ومأجوج ثم ذهب معه إلى الإسكندرية والمكان الذى التقى فيه الخضر مع سيدنا موسى هو مكان التقاء النيل المبارك بالبحر المتوسط بالقرب من الإسكندرية والآية الشريفة : (قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) [الكهف : ٧٨] خير دليل على المكان الذى افترق فيه الخضر عن موسى ، ويطلقون على المكان الذى افترق فيه موسى عن الخضر محلة مرج البحرين وهى مضيق بندر رشيد وهو مكان اختلاط النيل بالبحر ، والمسافة بين هذا المكان والإسكندرية برا اثنا عشر ساعة وبحرا ( ) (١) ميل ، أما الإسكندرية فكان ملك على اليونانيين وقد عمر ألف سنة وعلى قول ستمائة سنة وإنه حكم من القاف إلى القاف وأقام سد يأجوج ومأجوج ،
__________________
(١) بياض فى الأصل.