عبد الملك يقرأ الرسالة أعلن هذا السفير إسلامه ورفع يده بالشهادة. وأصبح من المقبولين المحببين لدى عبد الملك وكان لا يترك عبد الملك أبدا ، وذات يوم قال هذا السفير لعبد الملك بن مروان إن مدينة الإسكندرية مدينة عظيمة وبها كنوز كثيرة لا يمكن وصفها فقد حكمها مئات السلاطين وأقام فيها آلاف الكهنة الذين كانوا يعلمون شتى علوم الكهانة ودفنوا الكنوز بالطلاسم ، فلو أنك اعتمدت علىّ بما أعلمه فسوف أستخرج تلك الكنوز وقد ذكر له أنه بتلك الكنوز الكثيرة يمكنه فتح البلدان ويصبح أعظم سلاطين الدنيا.
كان عبد الملك بن مروان طماعا للغاية ، كان لا يعلم أنه بهذا يسلم مدينة الإسكندرية ليد الكفار لأنه لم يكن يعرف شيئا فى فن الحيلة ، فقد اعتمد على إسلام هذا السفير الأسبانى وأعطاه ألف رجل ليذهب إلى الإسكندرية ، وعندما ذهب إلى هناك قام بهدم منارة الإسكندرية وأخذ مرآة الإسكندرية التى كانت طلسما عظيما من آثار الإسكندر موضوعة بالماء إذا ما دخلت أى سفينة من سفن الأعداء إلى ميناء الإسكندرية فإنها تحترق من تلك المرآة ، وأساس هذه المرآة لا يزال موجودا وظاهرا عند مضيق القليون الذى يطلقون عليه شاطئ القرد الصغير.
ولوقوع هذا الميناء فى مكان معاكس فإن أى سفينة تضل الطريق وتصل إليه تتدمر تماما ، ولو لزم الذهاب خلف القلعة يجب الاحتراس جدا ، بعد ذلك قام هذا اللعين باستخراج أربعين مليون عملة من المنار والخلاصة أنه خلال أربعين يوما استخرج مئات الكنوز المدفونة ، وملأ سفينته بتلك الخزائن وركب هو وجنوده وتركوا الإسكندرية خرابا وفروا هاربين إلى ديار أسبانيا.
وقد وصل هذا الخبر إلى عبد الملك بن مروان فى الشام ، فحزن حزنا شديدا وأخذ يلوم نفسه على ذلك ، وأصدر الفرمانات بترميم وتعمير الأماكن التى هدمت فى مدينة الإسكندرية وأنفق على ذلك الأموال الكثيرة ، وبالرغم مما فعله الأعداء جعل عبد الملك بن مروان مدينة الإسكندرية أحسن مما كانت.