كاشفية ، وقد سبق أن قلنا إن مائتى كيس تتحصل منها ، ويتبعها مائتان وثمانون قرية ويحصل من هذه القرى بعد المصروفات مائة كيس ، إنها قضاء يدر مائة وخمسين أقجه ، وكانت تغل مدة من الزمن عشرة أكياس ستة وسبعون من قراها ، ولقربها من مصر ليس لها من يتولون الإفتاء على المذاهب الأربعة كما تخلو من نقيب للأشراف ، ولكن فيها قائد للانكشارية والعزب ، وقديما كان يوجد فيها ألف حديقة ، والآن فيها ثلاثمائة بستان كما أن فيها ألفى بيت وأربعون محرابا ، وسبع خطب ، وبالقرب من السوق السلطانية جامع قديم ويتسع لآلاف المصلين ، وله سقف يقوم على أربعين عمودا ، ومنارة تتألف من ثلاث طوابق ، ولم نشاهد جامعا آخر ، وفيها عشرون مكتبا للصبيان وثمانية خانات وسبعة مقاه ، ومائتا دكان. وركبنا زورقنا الذى جرى بنا فى النيل ، وبعد سبعة أميال بلغنا بلدة شبرا التى سبق ذكرها ، وهى فى نهاية حدود إقليم القليوبية ، وبعدها حدود مصر وتجاهها فى إقليم المنوفية محلة تسمى بحر ، وبها تتم حدود المنوفية ، وآخر حدها :
بلدة السروى
وهى على بعد أربعمائة ميل من دمياط وعلى شاطئ النيل تقع مدن صغيرة معمورة وقد شاهدت معظم الجوامع المشهورة والكبيرة ، والزوايا والمدارس والوكالات المعمورة والمزينة والحدائق والترع واستمعت إلى ألحان البلابل الجميلة فى البساتين ، ووصفت مزارع النخيل والحدائق ، واكتفيت بذلك حتى لا يطول بنا الكلام وليس على نيل دمياط قرى مثل ما على نيل رشيد ، وعلى نيل رشيد توجد مدن كثيرة ولا وجود لعمران فى إقليم البحيرة وأكثره صحراء. ثم مضينا إلى محلة شبرا. وفى الشهر الثالث دخلنا مصر والتقيت مع الكتخدا إبراهيم باشا. وقدمت إليه ما استطعت تقديمه من هداياى فتقبلها منى. وتجولت وشاهدت الديار وتعرفت أحوال الرعايا والبرايا. وسألت ملتزمى الكاشف. ومضينا إلى صحراء البرلس وطعمنا. ونلنا من خضر بك خلعة حسنة وجوادا. والله عالم السر والخفيا ، وخضر بك وزير منير الضمير وسخى جواد وقد تشرفت بالتحدث معه فى الليل والنهار ، وقال ذات ليلة أثناء حديثى معه إنه تجول فى البلاد شبرا شبرا وسوف أبعث بك إلى حاكم جرجه فقال لى لا تنسى دعاءنا لك بالخير وأمر رفعت أفندى رئيس الديوان أن يكتب لحاكم جرجه أن أوليا جلبى صديق حميم وأخ كريم فإذا وصل إليك وأراد التجول فى البلاد فهىء له السبيل.