وأمام مدينة أسيوط غرقت سفينة أميرية تحمل ألف أردب من الغلال. وقد كتب أمرا بالتحقيق فى هذا وأصدرت الأوامر إلى جميع الكاشفين والملتزمين بذلك. وانتهزت هذه الفرصة وخرجت بعد أن قبلت يده. ورجوت إليه أن يكتب رسائل إلى حاكم الفونج. وسألت من رجال الديوان فى مصر. هل فى الإمكان أن أمضى. فقالوا نعم هذا فى الإمكان ولكن الحرّ كان شديدا والطريق غير آمنة. وقالوا إن هذه السّفرة صعبة شديدة ولكن سوف تمضى فى خير وأمان بمشيئة الله. وكتبت الرسالة لى فكانت أمرا إلى حاكم جرجة.
إن ملك الفونج كان راسخ العقيدة فى الشيخ البكرى ، والشيخ محمد ، ونلنا منه سبعة رسائل لننال بها الهدايا ، فنلنا جوادا وبساطا طاهرا ، وعشرة كؤوس وثلاثة قسى وكانت ترسل الهدايا ورسائل الصداقة من مصر إلى الجزائر وتونس وفاس ومراكش وبلاد البربر وبلاد الفونج والسودان وبلاد الحبشة واليمن ومكة والمدينة والبادية العربية وكذلك بلاد المغرب.
فقد وصل إلى سفير اليمن فرمان كما أعطى لى رسائل ورسائل مودة ، ومنذ عهد السلطان سليم الأول قدم مصر سبعون وزيرا ، لأن الحل والعقد كان فى يد الكتخدا لأنه كان وكيلا يحكم كل شىء برأيه السديد ، إلا أنه مع وفور عقله كان يتشاور مع من تقدمت بهم سنهم ليأنس برأيهم ، ويعمل به ، وكان يكرم كلا منهم حسب مرتبته ، وقد أعطانى أوراقا لأسلمها لحاكم جرجه وبلاد الفونج ، كما أعطانى مصاريف السفر وجوادا ، ووصلت إلى الباشا فى اليوم الثالث ، فأبلغت حاكم جرجة خبر غرق سفينة الغلال ، وبلغت أوامره للكاشفين وغيرهم ، ونلت من ملك الفونج رسالة وهدايا ، فنلت منه نقودا وجوادا وتخت شباب وقد أعطيت خدامه عشرة قروش ، ودعوت له بالخير وقبلت يده وقلت إلى الملتقى بمشيئة الله ، وقرأت الفاتحة ، وخرجت وودعت كل الأصدقاء والأحباب ومضينا متوكلين على الله.
* * *