إنها بلدة وفيرة الغلال ، ويحصلها ضابط الحاكم وهى وقف ، ويجرى منها الرواتب على جامع الأزهر وغيره من السلاطين ، وأمير ميران جرجا يضع يده على هذه الأوقاف أما إذا ما ظلم ففى اليوم الثالث يعترض على ظلمه علماء مصر ليمنعوا الظلم ، وليس فى إقليم جرجا تيمارات ولا زعامات ، إنها قرى سلطانية وأوقاف ، ويبقى لحاكم جرجا بعد المصروفات ثلاثمائة كيس ولكن حاكم جرجا المغفور له على بك تحصل لنفسه على مئات الآلاف من القروش لنفسه فرضها على الأهالى ، وهذا صحيح لأننا نظرنا فى دفتر خانه جرجا وفى الإيرادات والمصروفات ، لأن فى إقليم جرجا سبعة وثلاثون كاشفا وفى إقليم جرجا واحد وثلاثون قضاء ، وبها ستة آلاف ومائة وسبعون قرية عامرة ، ولكن حسب حساب قرى الأوقاف ، ويأتى مشايخ العرب إلى ديوان جرجا مرة فى العام ويجددون بيعتهم لحاكم جرجا ، ويلبسون الخلع والثياب الحريرية ، ويحصلون المال السلطانى الخاص بالعسكر ، وينال شيوخ العرب هؤلاء من هذه القرى أحد عشر ألف رأس من الغنم ومائة ألف أردب من الشعير وخمسين ألف أردب من القمح وأربعين ألف أردب من البقلة ، كما يقدمون إلى الحاكم الهدايا.
وقد تجمع للحاكم عشرون ألف أردب من القمح وأربعون ألف أردب من الشعير وزعها على الجند ، أما ما تبقى من هذه الغلال فقد باعها ، وطبق قانون السلف يقدم خمسمائة جواد من إقليمه ، ويرسل كذلك من الهدايا ألف وخمسمائة جواد وسبعمائة أو ثمانمائة قافلة من الجمال ولتحصيل هذه الغلال يأتى فى كل عام خمسة آلاف حمار ، ولجرف الترع والخلجان يأتى ألفا ثور ، ومائتان من الخصيان وألف من المماليك غير السود كما ترد هدايا لا حصر لها ، ورؤساء القبائل وشيوخ العرب وشيوخ البلدان ، وجميع الكاشفين وبقية الأعيان يأخذون هذه الهدايا ، وفى كل عام يأتى مال وفير بلا حساب ، أما المصروفات فهى خارجة عن الحساب ويتسلم باشا مصر كل عام سبعين كيسا وأربعين من الخيل ومن هذه الخيول ما هو محلّى بالذهب وذهبى السلاسل وأربعين مملوكا أسود وعشرة من الأحباش وهؤلاء المماليك جميعا فى ثياب فاخرة ، ويأتى مع هؤلاء الهدايا من ماء الورد والمسك والعنبر والكافور وسن الفيل وجلد التمساح ، وآلة