المال الوفير يحصله الجند بالعنف ، لأن الإقليم الكبير قد يكون أهله متمردين ، والأموال التى فى ذمة العرب يحصلها منهم جيوش جرجا ، والجند يطلعون على شأن كل بيت من بيوت القرى ، وهم يحصلون منهم الغلال دون خوف منهم ، ولا خشية ولا اكتراث بهم فبين هؤلاء العرب فتيان شجعان أولو بأس شديد ويسمون هؤلاء العرب الصبيان ، وفى ديارهم مال كثير لأن بلادهم على حدود بلاد الفونج وعلى الجانب الشرقى من هذه البلاد يكون المسير على شاطئ النيل إلى بلاد الحبشة وعلى مسيرة شهرين جنوبا بلاد البربر إن آخر قلعة على حدود مصر على مسيرة ثلاثة أشهر فى الصحراء بلاد الفونج ، وثمة ولاية قرمانقه ومنها وعلى مسيرة شهر بلاد السودان ، وفى الجانب الغربى على مسيرة ثلاثة أشهر بلاد فاس ومرانكوش وهذه البلاد خاضعة لحكم جرجا وأرض ملاصقة لحدود المغرب وطرابلس ، والحاصل أن ولاية جرجا فى الإقليم الأول وله علاقة بالإقليم الثانى ، إنها واسعة متراخية الأرجاء وغلاتها وفيرة وأهلها محبوبون وخيراتها وبركاتها كثيرة ، ونهر النيل فى جرجا يجرى فى ترعها ماؤه عذب فرات ، إنها أرض ملكية ما يسميه الغرب دهليز الحبش ، ومعناه العرش الصغير لبلاد الحبشة ، والعرب يملكون هذه الأرض الصحراوية ، وقد حررنا هذا فى قضاء بنى سيف وسنحرر الباقى عند سياحتنا فى بلاد أخرى ، ولوزير جرجا أغا عالى المنصب ، وهو يأتى لتحصيل الغلال ، ويسكن قصرا شامخا فى جرجا ، وهو يلح فى طلب هذه الغلال ، ثم تخزن هذه الغلال بعد تحصيلها فى مخازن على شاطئ النيل ، ويأتى من مصر أغا المخزن ليحصلها فى ألف سفينة ، وفى مصر العتيقة توضع فى مخزن يسمى مخزن يوسف ، وأكوامها كأنها الجبال وينال منها جميع الجند جرايتهم وطوال ثلاثة أشهر ، ومخزن يوسف هذا سر إلهى وللأغا محصل الغلال حمام وجوادان والأغا ينال على كل أردب بارتين ويأخذ عشرين كيسا فى السنة ويسلم الباقى للباشا وهو خمسة أكياس ويمنح الكتخدا ويأخذ الكتخدا ثلاثمائة قرش ويأخذ الكتخدا من الباشا جوادا على كل ثلاثة جياد وخصيا على كل ثلاثة من الخصيان ، وهذا الأغا يأتى كذلك لاستعجال تحصيل الغلال ، ويأخذ على ذلك كيسا من المال وغلاما أسود ؛ وذلك لتحصيله للغلال ولا يأتى