والحدأة عدو لدود للأفراخ ولهذا يقوم الصبيان على حراستها وإلا اختطفتها الحدأة جميعا فى يوم واحد. وليس فى مصر طائر فى سمائها يؤذى إلا الحدأة.
ـ بيع الدجاج بالكيلة فى مصر :
وتعبأ هذه الأفراخ فى الكيلة وتباع الكيلة منها بخمس أو عشر پارات. ولله الحمد فقد شاهدت الدجاج وهو يباع ويشترى بالكيلة فى مصر. والكثرة الكاثرة من الدجاج الذى يباع بالكلية حكومى ، حيث يعهد (الكلارجى باشى) أى القائم على مخازن الطعام الخاصة بقصر الباشا ـ على أحد الأغوات بتفريخ عدة آلاف من الأفراخ ويذبح منها خمسمائة دجاجة يوميا فى مطبخ الباشا لتقديمها إلى أتباعه وحاشيته.
ومن لا يرى هذا القدر من الأفراخ التى أفرخت لا يعرف إلى أى حد كانت براعة هؤلاء الفلاحين فى مصر ، وهذا فى الواقع ما لا يدركه عقل. يا له من سر عجيب.
مما ينهض دليلا قاطعا على أن الله يخلق ما يشاء بقدرته ويحكم ما يريد بعزته.
ـ أمارة على إعجاز الخلق :
فى المنطقة المسماة «بسبيل علام» أنواع من الحجارة الملونة ، ولحجر سبيل علام ذائع الشهرة فى مدينة القاهرة ، وفى تلك الصحراء أنواع من أحجار الياقوت والماس التى يصل ثمن الحجر منها مائة قرش وخمسمائة قرش. كما تكثر بها الأحجار التى تسمى بعين السمك وعين الهر والتى يباع الواحد منها بخمسة أو عشرة قروش.
وفى بعض الأوقات التى تشتد فيها الرياح فتتشتت الرمال فتتكشف عما لا يحصى كثرة من هذه الأحجار.
ويقوم الحكاكون بحك هذه الأحجار الخام ويصقلونها ويشكلونها فتباع بباهظ الأثمان بعد أن كانت بلا قيمة. ويعثر على أحجار أثمن من الماس ومن ياقوت «بدخشان» (١).
ومؤرخو مصر وعلماءها يزعمون أن «شداد بن عاد» بانى إرم ذات العماد هو مشيد سبيل علام ، وهذا ما اجتمعت عليه كلمتهم.
والواقع أنه فى سبيل علام هذه أسس لأبنية عظيمة هنا وهناك. وعند ما خلع إبراهيم
__________________
(١) بدخشان : ويقال بذخشان الآن فى أفغانستان ، وهى بلاد خصيبة مشهورة منذ القدم بأحجارها الكريمة لا سيما معدن الياقوت واللازورد. انظر : بلدان الخلافة الشرقية تأليف لسترنج ص ٤٨٠ وما قبلها.