ومن يريد أن يفرخ الأفراخ بهذه الطريقة اصطحب منهم رجلا يذهب معه حيثما أراد وهناك يشرع فى بناء فرن خاص بتفريح البيض ، وهذا الفرن فرن كبير يشبه فرن الخبز ، تعلوه قبة وأسفله فراغ ، وداخله مقسم إلى خانات ، تفرش الواحدة منها بطبقة من الروث الناعم غير المحترق بسمك إصبعين ثم يضع فى كل خانة خمسين بيضة وينظر فى كل بيضة خلال نور الشمس ، فإن كانت البيضة طازجة وضعها فى الفرن ، أما إذا كانت فاسدة استبعدها ، إذ إنها تنفجر من حرارة الروث وتفسد بقية البيض فلا تخرج منه أفراخ. لذا يضع البيض الطازج وهو يعرف أى بيضة تفرخ ديكا وأيها تفرخ دجاجة ، ثم يغطى هذا البيض كذلك بطبقة من الروث بسمك إصبعين ويضرم تحته نارا هادئة خفيفة تكفى لحرق الروث ولا تحرق الحطب وتدوم الحال على ذلك ثلاثة أيام وفى اليوم الرابع يتجرد الرجل من ثيابه ويدخل الفرن وهو يقوق كالدجاجة ويقلب البيض بأكمله وفى يده قفاز من ريش الدجاج وبه يقلب الخمسين بيضة التى فى كل خانة ويضع بينهما ريش الدجاج ويحرق أنواعا من البخور يبخر بها البيض ، ثم يخرج ويغلق فوهة الفرن.
ولم يطلع أحد على هذا العمل ، إلا أننى بقيت فى هذه البلدة اثنين وعشرين يوما واطلعت على ذلك بعينى رأسى. وفى خلال العشرين يوما دخل الرجل القائم بتفريخ البيض الفرن ثلاث مرات وقلب جميع البيض.
وقبل أن تتم الأيام العشرون بدأت الأفراخ فى الخروج من البيض كأنها الجند وأخذت تنبش الروث الموجود داخل الفرن وفى التو أخرجها الرجل من الفرن ، إذ إن فى الروث بيض لم يفرخ بعد ولكيلا يفسدونه أخرج الأفراخ التى خرجت لتوها من البيض.
وتسير الدجاجات التى ـ احتضنت بيضها حتى أفرخ ، وخرج منه صغارها ـ وراء الأفراخ التى خرجت من البيض بالطريقة المذكورة أعلاه.
ولحكمة لا يعلمها إلا الله فإن لحم هذا الدجاج الذى خرج من الروث ليس له من لذة الطعم ما للذة لحم الدجاج الذى حضن بيضة الدجاج. وهى ثقيلة اللحم والشحم