سنار ، وقد أعطانا والى مصر كتخدا إبراهيم باشا جوادا وعبدا لنقدمه لملك الفونج ، وهو جواد من المخمل المزركش وثلاثة قسى ملفوفة وإزار من الحرير ، وقدمتها إلى خدمنا وقد تزين جميع الخدام بأحسن ثيابهم كما زينت الجياد والإبل ، وقد وضعت الرسائل فى حقيبة مزينة وسرنا على ضفة النيل ست ساعات وثار الغبار علينا من عصف الريح ، وقد استقبلنا من يركبون الفيلة والإبل والحمير ، وجاء ملك الفونج فى جمع وهو على ظهر فيل أبيض ، وبعد السلام عزمنا على الرحيل ، فبدت لنا ثمانون خيمة على ضفة النيل ومن انعكاس الشمس على المدافع بهرت عيوننا ، فقال إن الملك خرج لاستقبالكم ، وهو فى انتظاركم وقدّم له جميع الهدايا ، ومضينا إلى قاضى بربرستان ، ووقفنا أمامه ويدانا على الصدر تأدبا ، وقلت له السلام عليك يا سلطان السودان فى خشوع فقال لى السلام عليكم يا خادم آل عثمان فسلمت يدا بيد وبعد ذلك مضينا إلى سماط ، فطعمنا طعام الفونج وغسلنا أيدينا بالماء والصابون فى وعاء ، وبعد ذلك قدم عبد أسود فى يده حق ، فأخذه ومسح به يديه كما مسح وجهه ففاحت رائحة العطر فانتعشنا ، وقدم إلينا العبد حقا وفيه مسحوق أبيض ولكن رائحته ساطعة فواحة ، ورائحته أشد نفاذا من رائحة المسك والكافور فأخذنى العجب ، فناديت ترجمان الفونج ، وسألته عن نوع هذا العطر فذكره لى فأسرّ الترجمان بشىء فى أذن الملك ، فرد الملك علينا قائلا ليقرأ من معكم الرسائل التى أحضرتموها معكم ، وفى نفس اللحظة قرعت الطبول فى الجوانب الأربعة ، فقال أنا أقدم فيلا كأنه دابة الأرض وفى القصر كان سبعة فيالين ، وعشرون عبدا ، وخرجنا أفواجا كالجند ، ومضينا تسع ساعات على مقربة من مدينة سنار فى الطريق العام ورأينا رجال الملك وهم يسجدون لنا ، وبناء على ظهور سنار أطلقت المدافع ، وفى دخولنا فى القلعة قرعت الطبول ونفخ فى الأبواق ، وحضر جميع أعيان الفونج وكان الملك جالسا على عرشه فقدمت إليه فى البداية الرسائل ، وقرأ رئيس الديوان الرسائل التى بالعربية فجعل يثنى علينا الثناء ، ثناء تجاوز فيه كل حد ، وقام فيه من عرشه ووضع كفى فى كفه ، وطلب إلى أن أجلس على العرش فتقبل الرسائل ووزع الهدايا أمامى ونال كثيرا من القسى والسهام والكؤوس وأعجب بالسهام والقسى والكؤوس ، وقال هل يرشق