وعند ما هبط الخليفة المأمون مصر قادما من بغداد عقد عزمه على أن يكشف عن كنز الأهرام وبذل الهمة طيلة سبعة أشهر ، فكوم حولها الحطب وأضرم فيه النار وسكب عليها الخل وضربها بأحجار المنجنيق الضخمة فهدم قدر عشرين ذراعا منها فعثر على جرة مرصعة بالزمرد بها ألف دينار من ذهب ، وكل دينار يزن أوقية ، كما عثر على حجر يضم نقوشا جاء فيها :
«يا من تتوق نفسك إلى فتح هذا القبر للكشف عما به من دفائن ، مهما بذلت من جهد جهيد وأنفقت من مالك الكثير لتحصل على المال الجزيل ومهما ازددت طمعا فسوف ترحل عن تلك الدنيا الفانية».
وحينما شاهد جند المأمون هذا الكلام (أصيبوا بخيبة الأمل) ، إذ إنهم بعد أن كابدوا شتى صنوف العناء طيلة سبعة أشهر فى هذه الصحراء المترامية الأطراف وأنفقوا من المال ما أنفقوا لم يعثروا إلا على ألف دينار من ذهب.
سبق أن أشرنا إلى باب فى الناحية الشمالية بداخله حجر كتب عليه :
«أيستطيع ملوك الأجيال التى تأتى من بعدى أن يكسوا الأهرام بالحصير» فخالها المأمون رموزا وأمر بها فكسوا نصفها بالحصير المصرى وعندئذ عصفت ريح صرصر عاتية أذرت برجاله وحصيرهم فى الهواء ، فوقع الجزع والهلع فى القلوب.
ونزولا على سداد رأى «حسين بن سهيل» وزير المأمون نفضوا أيديهم من هذا العمل ومضوا إلى حال سبيلهم.
وإلى الآن تبدو المواضع التى انهدمت فى عهد الخليفة المأمون. وعندما شرع يوسف صلاح الدين يجدد بناء قلعة القاهرة نزع الأحجار من جبال الأهرام وشيد بها قلعة مصر الداخلية والقلعة القبلية. وجاء من الحجارة التى نزعها من جبال الأهرام ومواضع الحجارة التى انتزعها ظاهرة للعيان إلى يومنا هذا.
ذكرت أن بانى الأهرام هو الملك «سوريد» وهو القائل «لقد بنيت هذه الأهرام فى ستة أعوام فهل يستطيع من يجىء بعدى من الملوك هدمها فى ستمائة عام» وإنى أفند زعمه فأقول إننى لو لغمت هذه الأهرام بمائة قنطار من البارود الأسود وستة صناديق من