نجتاز الصحراء الشمالية ظهر لنا غبار أسود يرتفع إلى عنان السماء وتقدمنا فى سيرنا إليه فكان نسر صاد فيلا صغيرا وبينما هو يمزقه وينهشه جاءت أم الفيل فنشب الصراع بينهما ، وهذا هو سبب الغبار الذى ثار ولكن النسر تغلب على أم الفيل وحطت على رأسها ، ومزقت لحم أنثى الفيل وشاءت أن تحمى الفيل الصغير بخرطومها ولكن بلا جدوى ، فأشفق رفقائى عليه فارتفع صوتهم بقولهم الله الله ، وأطلقوا على النسر بنادقهم فطار وقد أظل بجناحه الأرض فستر شعاع الشمس واكفهر الجو وفرت أنثى الفيل ووصلنا إلى الفيل الصغير ، فإذا عيناه قد فقعت من منقار النسر وجعل الفيل يأكل من حوله ومضينا ، فإذا بالنسر يطير خلفنا وظل فى موضعه وحط عليه النسر وجعل ينهش لحمه ، وتجاوزناهم فى وقت الغروب ، وبلغنا جبل ترجاش.
جبل ترجاش
ومضينا فى غابة من شجر الأبنوس وحطمنا أشجار تلك الغابة ومضينا طوال الليل فى نور القمر وخلدنا إلى الراحة فى سهل فى الغابة ، وأعلفنا جيادنا وبلغنا حدود دومبيه وطلب إلينا قائد القافلة ونائب الكتخدا أن نحمل أسلحتنا ونمضى متفرقين ، وبلغنا أرضا فيها مجرمو دومبيه وأرض كثيرة القردة وبها وحوش ضارية كما قيل لنا : خذوا حذركم من ذلك الخطر الذى يتهددكم ، ولم نضع أحمالنا مدة ستة أيام وست ليال ومضينا شمالا نطوى المراحل واجتزنا بعض قرى دومبيه ، وجعلنا نأكل لحم الإبل ووحيد القرن ونشرب لبن النوق والبوزه وبلغنا حدود دومبيه فبلغنا مدينة بورغه الواقعة بين الصخور السود ، ورأينا جثث بعض النسور وذيول الأفاعى وقد نشب الصراع بينهما ، وقد هلكت النسور من سم الأفاعى وكذلك هلكت الأفاعى من مناقير النسور ولكن لا يمكن الاقتراب من هذه الجثث لخبث رائحتها ، إن رائحتها الخبيثة تشبه السم ، وكان فى تلك الصخور التى وقفنا بها أوكار للنسور ، وكانت ليل نهار تصعد أصداء أصواتها وكل نسر يطير وإذا ما مد جناحيه فكأنه شراع وهذا هو حجم تلك النسور ، وكل نسر يصيد فى كل يوم فيلا أو وحيد قرن ويحمل ما يصيد إلى الجو ثم يسقطه على الأرض وينهشه أما إذا وقع ظل