جناحه على طائفة من الجند العثمانيين لم تمس حاجتهم إلى مظلة ولا خيمة ، وقد انتظرنا حاكم بورغه ذات ليلة كما قدم إلينا بعض الرعايا هدايا ، وكان ذلك من حكمة الله تعالى ، ولهم بيوت من الحصير والقصب ولهم جامعان ومئات من البيوت ، وقد عين كل منهم فى داره قدر من مسك الهر.
أنواع مسك الهر
هؤلاء القوم فى كل صباح يخرجون القمامة من بيوتهم فلا وجود لديهم من نجاسة ولا قذارة ويعرقون بقدر ما يعرق الهر ، ومخالب هذا الهر فى أرجله الأربع فليس مخالب هذا الهر مثل مخالب الكلب وليست لحيوان مفترس ، إن هذا الهر صغير الرأس ورأسه وأنفه يشبه أنف كلب الصيد إنه وحشى وليس أليف كالهرة ، ويربونه فى قفص على سطح البيت ويقدمون إليه الطعام ، وقد أهدى إلى حاكم قوز قفصين من هذا النوع من الهررة أحدهم أبيض والآخر أسود ، ولا يحتمل أن يكون هذه الهررة لون آخر غير الأبيض والأسود ، ولكن رائحة هذا الهر عطره ولما غادرنا مدينة بورغه فى اليوم التالى وسلكنا واديا واسعا فقابلنا أحد عشر فيلا ومضت الفيلة على يمنتنا ويسرتنا ووقف أمامنا فيل ضخم ولم يتحرك ، واقترب مرارا من الجنة وكأنه يحدثهم عن نفسه أنه حيوان وقّاد الذكاء ، وكل رجل من أرجله كأنها مأذنة وكل سن له كأنه عمود وخرطومه مثل دخان المجرة وبطنه مثل طبل أصفهان أما أذنه مثل مائدة الخلفاء ورأسه مثل خم الملوك وجلده مثل سماط الغرباء ، وفمه فم موقد الحمام ، وعينه مثل جسم الغزلان وذيله مثل عصا الشيوخ ، وبعد ثمانى ساعات بلغنا ربده.
منزل ربده
هذه المحلة فى حكم دومبيه ، إنها أرض جبلية سوداء ، وإذا ما حفرنا فى أرضها مقدار ثلاثة أو أربعة أشبار انبعث ماء عذب كما توجد آبار ، هذه الآبار يشرب منها الفيلة وحركت الفيلة فى هذه الأرض ، وفى مدينة بوريد بيوت من القصب وجامع من القصب كذلك وكل أهلها زنوج مثل أهل دومبيه والجميلات بها كثير ، وغادرنا هذه