ارتفاع وانخفاض فوجدنا حوضا كبيرا ممتلئا بالماء الصافى وعلى الجوانب الأربعة لهذا الحوض جلست طيور مخيفة تخلع القلوب ببشاعتها تشبه العقبان والأوز وعندما رأتنا بسطت أجنحتها فسمعنا ما يشبه الرعد وكأنما سالت أدمغتنا من آذاننا وعرت الخفافيش ملابسنا وقال حملة المشاعل : إن المشاعل على وشك الإنطفاء وجملة القول أننا عندما شاهدنا أجنحة العقبان خلعت قلوبنا من الهول والفزع وما استطعنا أن نحرك أقدامنا بخطوة واتفقنا على العودة فهبت ريح عقيم من جانب هذه الطيور لها إيذاء ريح الشتاء قارصة البرد ، وقلنا كيف يكون مصيرنا إذا ما انطفأت مصابيحنا ومشاعلنا ، ولدى خروجنا إذا بنا نرى أن لكل خفاش من تلك الخفافيش فراشة فى حجم الحمامة كانت أجنحتها تصطدم بمشاعلنا ووجوهنا.
وعلى أية حال خرجنا ولدى عودتنا التقينا برفاقنا الذين فروا من قبل وجعلوا يهزأون بنا ويضحكون من وجوهنا الملطخة. ويعلم الله أننا خرجنا سالمين وقد بلغ بنا الجهد مبلغه وأنهكنا التعب والإعياء ، إلا أننا شاهدنا أشياء عجبا ولا يعلم أحد ما وراء هذا الحوض إلا الله. وهكذا شاهدنا الهرم الأكبر فما رأينا خزانة ولا كنزا وإنما رأينا جثثا محنطة دفينة.
إلا أن هذا الهرم طلسم ما فى ذلك شك أو ريب لأننا بهتنا عندما بلغنا هذا الحوض المذكور وعندما خرجنا من الهرم كان قد بلغ منا الإعياء مبلغه ولما تنسمنا الهواء دبت الروح فينا ـ لا يسر الله لنا دخوله ثانية ـ ، بعد ذلك تناولنا الفطور وشربنا القهوة فى خيامنا وطوفنا حول الأهرام الثلاثة.
ويبلغ كل هرم من الهرمين مائتى قدم طولا وعرضا وعلى هذا الحساب يكون محيط كل واحد منها ثمانمائة قدم وبعض الأحجار فى قمته يصل حجمها إلى مائتى باع.
وفى الجانب الشمالى من الهرم الأكبر الباب الذى دخلنا منه ، أما أبواب الأهرام الأخرى فغير ظاهرة. إلا أن هرم أبى الهول غاية فى صغر حجمه إلا أن كلا من الهرمين الآخرين يناطح الفلك. إنها جبال مخروطية الرأس وقد تسلقت الهرم الذى دخلته إلى قمته فكانت ميدانا يتسع لإقامة خيمة ذات عشرة خزائن. وفى بعض الثقوب