نسيم الصبا ، فيهب الإنسان حياة الخلود ، وقصر الوالى فى هذه الجزيرة على شاطئ البحر ، وقد بنى هذا القصر كذلك أوزدمر باشا إلا أنه ليس واسعا ولا مزينا ، وهو يتألف من غرف صغيرة وفيه غرف يكسو سطحها الرصاص ويسمون الجمرك هناك خورده ، وهو قصر الباشا ، وتشترى عشر سلع التجار فى قصر الباشا هذا وتقترب من قصر الباشا هذا السفن القادمة من البرتغال والإنجليز والفلمنك والهند والسند والصين واليمن وعدن وتوم فوطه وموحه ولوحيه وجدة وينبع وطور والسويس ، لأنه مرفأ جميل ، وتقع فى الإقليم الأول وبينها وبين مرفأ اللوحيه فى اليمن على البحر الأحمر مسافة قدرها مائتا ميل ، ومدينة قرشية ويأتى إليه السفن من اليمن فى ثلاثة أيام ، إن أبنية هذه المدينة صغيرة ولأنها جزيرة لا تحتمل الأبنية الكبيرة ، وأبنيتها تغوص فى الطين ، وبيوتها بعضها من الحجر وبعضها من القش ، وبعضها من القصب ، وأما قصر الباشا فعال وفيه محاريب وفى السوق جامع أقامه أوزدمر باشا ، وهو على الطرز القديم وله مئذنة صغيرة ، وله بابان أحدهما يفضى إلى الساحل ، والآخر يفضى إلى السوق ، وابن أوزدمر باشا ومصطفى باشا البوسنوى مدفونان فى ضريح على يمنة الجامع وثمة جامع الشيخ الجمالى ، والشيخ الجمالى مدفون فى هذا الجامع كما أن هناك ست زوايا ، ومنها مسجد قره بك ولا يوجد آثار أخرى لحمّام ولا خان ولا مدرسة ولا مبرة ولا سبيل ، ولا وجود لسوق للبز وعند المرفأ مخزن للسلع ، وفى هذه المخازن كل شىء ثمين حتى أكياس المسك والعنبر ، وهذه المخازن بناءها متين الحجر ، ولا يوجد فى الجزيرة حدائق ولا بساتين ولكن الدنانير الذهبية والقروش كثير ، وأكياس الجواهر فى أكواب بهذه المخازن والقوم زنوج سود البشرة ومن أهلها الأسمر والأبيض ، إنهم جميعا من عبدة النار وإذا مات منهم أحد أحرقوا جثته ، ويلبسون الثياب البيضاء الهندية ويحمون رءوسهم ببيض العمائم وعندهم دفاتر بمصروفات وجمرك الحبشة ، وهم يعملون حساباتهم بدقة متناهية وإنهم يقيدون مصروفاتهم تقييدا دقيقا ، وتعتمد الحبشة عليهم فى الحسابات ، ولا يقولون الكذب ولا البهتان ، ولا يشربون الخمر ولا يأكلون لحم الخنزير ، وإذا أكلوا يأكلونه