والجهات الخارجية للقاهرة طيبة النسيم ، وإذا ما هبت رياح «بويراز» ورياح «لودوس» خمسة أشهر جاءت السفن من بلاد الترك مما يعود بالرخاء على مصر.
كما أن الرياح التى تسمى «بويراز» تأتى بالحجاج من السويس ، وتحمل الحجيج إلى جدة وينبع مما يعود بالنفع والخير على مكة والمدينة. وإذا ما هبت الريح المعروفة بلودوس خمسة اشهر وهى أشهر الشتاء جاءت سفن الحجاج والتوابل من جدة وينبع إلى السويس مما يعود بالخير والرخاء على مصر ، وتمضى هذه الرياح ثانية بالسفن إلى بلاد الترك. ولهاتين الريحين عظيم الفائدة لمصر وشعبها.
وفى وسط القاهرة يطيب الجو ، كما أن أجواء جبل المقطم أى الجوشى ومصيف قايتباى وسهل العادلية وسبيل علام والمطرية وبركة الحاج غاية فى اعتدالها.
أما الجهات القبلية للمدينة فتوجد البرك وعلى حوافها صور سلاطين وملوك السلف ، وجوها كذلك يشرح الصدر. ولكن داخل المدينة وكالات وربوع وهى منازل من خمسة طوابق أو أكثر ، وفى أيام هبوب «رياح الخماسين» والعياذ بالله فإن لون وجوه الفلاحين ، من ألم البقّ والبراغيث والقمل والبعوض والذباب والرائحة الكريهة ، تصبح وكأنها وجوه أناس مصابين بالصرع ، والسبب فى ذلك هو أنه لا وجود فى مصر لقنوات الصرف ، بل آبار وفى أيام هبوب الخماسين على الخصوص تكسح المراحيض وهذه القنوات فتفوح الروائح الكريهة والعفنة ، إلا أنهم يخبرون أهالى الأحياء بذلك ليهرب الأشخاص ذوو الحساسية بأطفالهم ممن هم فى سن خمسة أو ستة أشهر إلى حى قايتباى أو داخل القلعة أو غير ذلك من القرى.
وبسبب هذه الروائح الكريهة فى تلك الأحياء ينتفخ أعلى مخ الطفل وينفتح فيه ثقب يخرج منه مخ الطفل وقد أحمض كالبوزة فيموت الطفل.
وجملة القول أن رياح الخماسين تلك ضارة للغاية ، وسميت هذه الرياح بهذا الاسم لأن الله ابتلى بها بنى إسرائيل بخمس مصائب فى خمسة أسابيع.
وبعد أن تفشى الطاعون وعم القحط وانتشرت الأفاعى والعقبان طيلة خمسين يوما ثم دفع هذا البلاء بفضل دعاء موسى ـ عليهالسلام ـ. وعندما تحين الأسابيع الخمسة تلك يسارع أهل مصر إلى توزيع الصدقات ، فى حين أن الدنيا تنهدم فوق رءوس