المسنين وتستولى عليهم الكآبة ، أما الباشاوات فيسرون سرورا لا مزيد عليه إذ إن بعض القرى تصبح محلولة فتكون من نصيبهم.
وفى جو الخماسين السىء لا يلامس ذوو الحساسية نساءهم ، ففى تلك الأيام تضعف أجسامهم وتقل قوة نطفتهم. أما إذا عيل صبرهم ولامسوهن ولدت لهم أطفالا عمى مجذومين وذوى نمو غير مكتمل وعرج.
وهذه الأيام المنحوسة فى مصر توافق أيام الربيع فى بلاد الترك ، بيد أنها فى مصر أيام الجحيم. ولا يهب نسيم الصبا فى العريش نحو القاهرة ولا يهب منها كذلك ريح سام.
وإذا ما هبط مصر شخص من بلد آخر طابت له مستقرا ومقاما وتعود على جوها وصح جسمه ، فبركة دعاء يوسف الصديق ـ عليهالسلام ـ يصبح الغريب موفور العافية عظيم الثراء إلا أنه لحكمة لا يعلمها إلا المولى ـ سبحانه وتعالى ـ فإن أعين أبناء الغرباء الذين يتوافدون على مصر تصاب بالرمد وكأنها عين ابن العبد وهذا ما يتحتم حدوثه. يا لها من حكمة عجيبة. وبأمر الله عندما يولد أطفالهم يولدون ضعاف البصر.
والكثرة الكاثرة من أهل مصر يضعون ملح النطرون فى طعامهم ، لذا يصابون بتورم الخصية وهنا تبدو نساؤهم وكأنها حوامل. وتتورم أرجل فلاحيهم كأنها القرب.
يحكى علماء مصر أنه عندما أرسل يزيد رأس الإمام الحسين ـ رضى الله عنه ـ إلى دمشق ، ثم أرسله إلى عامله على مصر والذى كان يدين له بالولاء ، فوضعه فى جامع السلطان حسن بميدان الروملى ، وجعل اليزيديون ـ الذين كانوا ينتشرون فى مصر آنئذ ـ يركلون الرأس الشريف بأرجلهم ، وكان كل من ركل رأس الحسين برجله تورمت وأصيبت وكأنها القربة ومن مصر الآن من ذوى الأرجل المتورمة كالقربة من سلالة هؤلاء اليزيديين.
وهذا ما رواه علماء مصر.