عليه ، أما القاضى فهو رجل خسيس لئيم ، كما أنه ضرب معلمينا ضربا مبرحا ولذلك ضربونا ، فتعالوا نصلى صلاة الجنازة على قاضى العسكر. وجاءوا بخرق جعلوها على هيئة الجثة ووضعوها على محفة من الخشب ولما رأى مئات الآباء ذلك من أبنائهم منهم من ابتسم ومنهم من ضحك حتى استغرب ومنهم من قال لا إله إلا الله ، وبينما كانوا يمرون بالأسواق السلطانية سألهم أهل السوق قائلين :
«اش هذا يا صبيان» فقالوا : إنها جثة قاضى العسكر. فأغلظ لهم القول بعض الأهالى ، والبعض الآخر لم يكترث. وعلى هذا النحو اجتمع جميع الصبيان خارج المدينة فى موضع فوق الرمال وصلوا صلاة الجنازة على تلك الخرقة ودفنوها إلى جانب الإمام الشافعى.
ومن ناحية أخرى اشتكى قاضى العسكر ألما فى قلبه وأسلم الروح فى صبيحة اليوم التالى ، وبينما كانوا يدفنونه إلى جانب الإمام الشافعى فى نفس الموضع الذى دفن فيه الصبيان خرقتهم ظهرت قطع منها من الأرض فدفنوها ثانية والقاضى عسكر فى ذات الموضع.
سر آخر عجيب
والصبيان الاثنى عشر الذين جعلوا تلك الخرقة على هيئة قاضى العسكر وصلوا عليها صلاة الجنازة وحملوها كانوا نجباء وهم الآن ومنذ ذلك اليوم بكم ، كما أصبحوا عراة مجاذيب يهيمون على وجوههم فى صحارى مصر وأراضيها الخربة. إنه لسر إلهى عجيب.
وقد أخذ إبراهيم باشا الخوف مما وقع وأدرك أنه هو السبب فى ضرب هؤلاء الصبيان فتصدق على جميع معلمى وصبيان المدارس حتى أصبح شحاذهم غنيا يعيش فى سعة ورغد.
الفصل الحادى والستون
ذكر أولياء نعمتى من البكوات والأعيان سليلى الأسر العريقة
منهم أمير الحج (اوزبك بك أبو الشوارب) وهو رب أسرة عظيمة وله من الجند خمسمائة. إنه بك.