يومنا هذا أقيمت ففيها ٣٠٦٠ قلعة ويتناحر الملوك فيها من أجل الاستيلاء على معادنها حتى إننى بعد أن فتحنا «أويوار» وصلت بلاد الألمان برفقة السفير «محمد قره باشا» فى طريقنا إلى إمبراطور النمسا وصلنا مدينة تسمى «لونجاط» على شاطئ البحر المحيط ، وكانت سفن الدنيا الجديدة ترسو على ذلك الشاطئ وفى كل منها ثلاثة آلاف رجل وكان بين من على ظهر هذه السفن أناس من الدنيا الجديدة قصار القامة يلبسون الريش فكلفت تراجمة النمسا بسؤالهم عن الدنيا الجديدة فما كان منهم إلا أنهم سبوا الراهبين «بادره» و «قولون» اللذين أفعما دنياهم الهادئة الآمنة بالطامعين فيها والذين يحاربونهم على الدوام لإبادتهم وقصف أعمارهم.
ومحصلة القول أن الراهبين بادره وقولون ، بفضل العلم وتطوافهما فى الدنيا ، بذلا الوسع فى الاطلاع على آلاف من كتب التاريخ وراجعا كتب الأطالس والهيئة وقضيا عمرهما فى السياحة والتطواف وكتبوا عما وقفا عليه من حقائق هيئة العالم.
ووصل هذان الراهبان إلى تلك البلاد التى لم يصل إليها كل من فليقوس وبطليموس فى الزمان القديم على شدة الحر والبرد وما يكتنفها من مهالك ومعاطب بعد أن ساحا فى الأرض مرات ومرات شمالا وجنوبا وشرقا وغربا ، وذكرا أن مساحة العالم ٨٧٠٠٠ ميل كما ذكرا أنهما لم يبحرا فى شواطئ البحر الأبيض ولا البحر الأسود بل أبحرا حول هذا العالم الجديد عبر المحيط.
وقد رسم ملاحو العالم كافة خرائطهم فى ضوء ما كتبه الراهبان بادره وقولون ويبحرون فى البحار معتمدين كل الاعتماد على هذه الخرائط ، فقد اكتملت لهذين الراهبين آلاف التجارب ونجت السفن فى البحر المحيط بفضل ما كتباه ووصلا إلى جميع موانى الدنيا وحملا من أحجارها ومعادنها وكتبا عن اعتدال جو تلك الموانى كما كتبا عن جبالها وأحجارها وأجوائها ومنبع كل نهر فيها. اتفق جميع علماء الهيئة رأيا على أن مساحة الدنيا القديمة ٨٧٠٠٠ ميل على نحو ما قال بادره وقولون ، وكل ميل يساوى ٤٠٠٠ ذراع أسود ، والذراع يساوى ٢٤ اصبعا ، وكل ميل يساوى ٤٠٠ قدم ، والفرسخ يساوى ١٢ قدما (أى مسيرة ( ) (١) ساعة).
__________________
(١) بياض بالأصل.