وحصل لعالم كبير من أهل اليمن استسقاء عظيم ، واشتد به ، فذهب إلى طبيب فلما رآه أعرض عنه وقال : هذا يمكث ثلاثة أيام ، فألقى الله بباله أن يشرب ماء زمزم بنية ، عملا بالحديث ، فقصدها فتضلع منها ، فأحس بشيء في جوفه ، فبادر إلى جهة مدرسة قايتباي فأسهل كثيرا ، ثم عاد وشرب وتضلع ، ثم أسهل كذلك ، فشفاه الله تعالى. وبينما في بعض الأيام برباط ربيع يغسل ثوبه وإذا بالطبيب رآه فقال : أنت صاحب تلك العلة؟! قال : نعم ، فقال : بم تداويت؟ قال : بماء زمزم ، فقال الطبيب : لطف بك الله.
وكان في باطن العارف بالله تعالى الشيخ عبد الوهاب الشعراني دبلة قدر البطيخة ، وكان قد أجمع حكماء مصر على أن يشقوا جنبه ، ويخرجوها ، فألهمه الله تعالى أن يشربه بنية الشفاء ، فحصل له بعد الشراب حرارة ، طبختها وأخرجتها سوداء مقطعة مهبرة حتى ملأت طشتا.
حكي ذلك في العهود ، والأخبار من هذا كثيرة ، وهي مؤيدة للحديث السابق ، مع أنه صحيح الإسناد كما سبق ، ولم يصنف ابن الجوزي في ذكره في الموضوعات ، لكونه إما صحيحا وإما حسنا.
[١٦٨] [مزايا وفوائد زمزم] :
وذكر بعضهم أن أحد الأبدال مقيم بزمزم يؤمّن لمن شرب منها ودعا عندها.
ومنها : أنه يبرد الحمى ، ويذهب الصداع ، ويقوي القلب ، ويسكن الروع ، ولذا قال الحافظ العراقي : إن الحكمة في غسل صدر النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ ليقوى بها على رؤية ملكوت السموات والأرض ، والجنة والنار ، وهي الأشربة المفرحة ، وفيها ما في الأمراق من التغذية والتقوية.