محمد ابن إسماعيل بن الصيف اليمني الشافعي ، نزيل مكة ومفتيها ، وأنه كان يقول : إنما الحديث أسفاء مكة ، أي المحزونون فيها على التقصير. أه.
[٣١١] [العبد بين الرجاء والخوف] :
واعلم يا أخي أن فضل الله وعظمته ورحمته واسعة ، ولكن ذلك لمن ختم الله له بالسعادة ، وهي أمر مغيب لا يعلمه إلا الله تعالى ، فتنبه لذلك ولا تغتر! فإنه ما عظم الرجاء في الله ، إلا ولازمه كمال الخوف من الله ، كما هو طريق العارفين أهل الله.
قال سيدي عبد القادر الجيلاني قدس الله سره الرباني : «أعطاني الله ثلاثين عهدا وميثاقا أن لا يمكر بي ، فقيل له : فهل أمنت بعد ذلك؟ ، قال : لا بل حالي بعد العهد كقبله».
وقد صلّى عليه الصلاة والسلام بعد نزول آية الغفران حتى تورمت قدماه ، فقالت عائشة رضياللهعنها : فداك أبي وأمي! أما نزلت في حقك (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) [الفتح : ٢]. قال : (أفلا أكون عبدا شكورا (١)). فينبغي يا أخي إن صح ذلك أن تقابله بالشكر على ما هنالك ، وتسلك لطلبه أحسن المسالك ، ولا تتجرأ فتهوي في المهالك.
[٣١٢] [تميز أهل مكة بالطواف] :
ومن فضائلهم لكونهم أكثر طوافا من غيرهم ، ما ذكره الدميري في كتابه الديباجة في شرح ابن ماجه عن الشيخ فخر الدين النووي قال : كنت يوما بمكة بين المغرب والعشاء مسند الظهر إلى مقام المالكية ، مستقبل القبلة ،
__________________
(١) أخرجه الشيخان : البخاري (١٠٧٨) ، ومسلم (٢٨١٩).