[٣١٣] [مجاورة البيت] :
تتمة : وإذا علم فضل مكة وأهلها ، وما فيها من المآثر الشريفة ، والمنازل المنيفة ، فيتعين حرمتها وتعظيمها ، ولا تكره المجاورة بها ، بل تستحب على ما ذهب إليه أبو يوسف ومحمد ، وعليه عمل الناس ، قال في المبسوط : وعليه الفتوى ، وهو مذهب الشافعي ، وأحمد ابن حنبل ، وابن القاسم من المالكية (١) وأكثر العلماء ، وعدّ الطبري من الصحابة من الذين جاوروا بها أربعة وخمسين ، ومن الذين ماتوا ستة عشر ، قال : وجاورها من كبار التابعين جم غفير.
وقيل : تكره ، وإليه ذهب أبو حنيفة ، ومالك ، وجماعة من المحتاطين ؛ خوفا من الملل ، والبرم في ذلك المقام ، والإخلال بما يجب من حرمته ورعايته ، وخوف اجتراح المعاصي والآثام (٢) ؛ ولذلك كان عمر رضياللهعنه يأمر الحاج بالرجوع إلى وطنه ؛ ولما روي أن الحسنة تضاعف إلى مائة ألف حسنة ، وأن السيئة كذلك ، وقال ابن مسعود ـ رضياللهعنه ـ : «ما من بلدة يؤاخذ العبد فيها بالهمة قبل العمل إلا مكة» (٣).
وقال عمر رضياللهعنه : «لخطيئة أصيبها بمكة أعز علي من سبعين خطيئة بغيرها» (٤).
__________________
(١) انظر : القرى لقاصد أم القرى ، ص ٦٦٠ وما بعدها.
(٢) انظر بالتفصيل : منسك الكرماني (المسالك في المناسك) ١ / ١٠٢٦ ، شرح السير الكبير للسرخسي ، ١ / ١٣.
(٣) مرقاة المفاتيح ٥ / ٦١٣. انظر تفسير قوله تعالى : (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) في تفسير عطية ، ص ١٠٣٧ وما بعدها.
(٤) الأزرقي ٢ / ١٣٤ ، مرقاة المفاتيح ٥ / ٦١٤.