وروى ابن جبير : (أنه صلىاللهعليهوسلم جلس بهذا الغار مستظلا فيه ، فمس رأسه الكريم الحجر فلان حتى أثر فيه تأثيرا بقدر دورة الرأس) ، فصار الناس يبادرون بوضع رؤوسهم في هذا الموضع تبركا واستجارة لرؤوسهم بموضع مسه الرأس الكريم ، أن لا تمسه النار برحمة الله تعالى (١).
[٢٠٠] [مسجد السّرر] :
ومنها مسجد السرر ، ويسمى بمسجد عبد الصمد بن علي لكونه بناه ، وهو بين محسر ومنى في شرقيها ، قال أبو سعيد الحسن ابن الحسين السكري : السّرر : على أربعة أميال من مكة عن يمين الجبل بطريق منى ، وكان عبد الصمد بن علي اتخذه مسجدا ؛ لأن به شجرة ، ذكر أنها سر تحتها سبعون نبيا ، ولا يعرف الآن إلا جهته ، والسّرر ـ بكسر السين وفتح الراء ـ ك «عنب» على ما في القاموس. وقال ابن حجر في شرح الإيضاح : والسرر : مثلث السين ، جمع سرة ـ وبعد الباقي بعد القطع (٢) ـ وهو محل شريف.
روى مالك والنسائي وغيرهما عن ابن عمر سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : (إذا كنت بين الأخشبين من منى ـ ونفخ بيده نحو المشرق ـ فإن هناك واديا يقال له : وادي السرر ، به سرحة سر تحتها سبعون نبيا (٣)) .. (٤)
__________________
(١) ولا أثر لهذا المسجد الآن ، إلا أنه كان «مشهورا بمنى خلف مسجد الخيف نحو الجبل ، كذلك يأثره الخلف عن السلف والله أعلم» كما ذكر المحب الطبري في القرى ص ٥٤٠.
وبفضل الله عزوجل اندثرت البدع التي وجدت بمنى في تلك الأيام كما ذكر المؤلف وغيره ـ في عهدهم ـ مع شدة النكير على مرتكبيها والدعوة لإزالتها.
(٢) قوله «سرّ تحتها» : أي قطعت سررهم ، والسرر : ما تقطعه القابلة من المولود ، والباقي بعد القطع يقال له السرّة ، والمقطوع السرر والسرّ أيضا بالضم ، والمراد : أنهم ولدوا تحت تلك السرحة ، والموضع التي هي فيه يسمى وادي السرر. القرى لقاصد أم القرى ٥٤٠.
(٣) موطأ مالك ١ / ٤٢٣ ؛ النسائي (٢٩٩٥) ؛ صحيح ابن حبان ١٤ / ١٣٧.
(٤) وحصل هنا إقحام لعبارة طويلة ما يساوي اثني عشر سطرا : حيث جاء بعد الحديث «وابن