[٧٣] [طواف الجان بالبيت] :
وروي أن عبد الله بن عمرو بن العاص رضياللهعنهما كان جالسا في جماعة من قريش بالمسجد الحرام بعد ما ارتفع النهار ، وقلصت الأفياء ، إذا هم ببريق أيم دخل من جهة باب بني شيبة ، فاشرأبت أعينهم إليه وأبدوه بأبصارهم ، فجاء حتى استلم الحجر وطاف بالبيت سبعا ، وهم يحصونه ، ثم ذهب إلى دبر المقام فركع ركعتين وهم ينظرون إليه ، فقال عبد الله بن عمرو لأصحابه : اذهب إلى هذا فحذره فأني أخاف أن يقتل أو يعبث به ، فذهب إليه حتى وقف على رأسه ، وحذره فأصغى إليه برأسه حتى استنفد كلامه ، ثم ذهب في السماء حتى غاب ، فلم ير (١).
والأيم : هي الحية الذكر ، وبريقه : لمعانه ، إلى غير ذلك مما روي من هذا النوع (٢).
[٧٤] [اتساع الكعبة] :
ومنها اتساعه لداخليه مع كثرتهم وازدحامهم ، ولم يعلم أحد مات فيه من الزحام ، إلا ما وقع في سنة إحدى وثمانين وخمسمائة كما نقله المؤرخون : فإنه مات فيه أربعة وثمانون ، وقال ابن النقاش : والكعبة تسع ألف إنسان ، وإذا فتحت أيام الموسم دخلها آلاف كثيرة.
هذا وفضائل البيت لا تحصى ، وفضائله لا تستقصى ، فكم خلص الله به قوما ووصل آخرين وأفاض بواسطة أسراره الربانية على قلوب كثير من المحبين.
__________________
(١) وذكر ابن الجوزي نحوها في مثير العزم الساكن ٢ / ٣١.
(٢) انظر أخبار مكة للأزرقي ١ / ٣٢٢.