هذا فإنها أرض صواعق ؛ فأرسل الله صاعقة أخرى ، فأحرقت المنجنيق وأحرقت معه أربعين رجلا (١). وهذا كان مع عدم قصد الحجّاج للبيت ؛ لأن قصده إخراج ابن الزبير حيث تخفى به. فكيف بمن قصده أو رامه بسوء!! وقد وقع له ما هو أعظم من ذلك ، كقصة تبّع ، وأصحاب الفيل.
[٦٩] [هيبة البيت] :
ومن هيبته : أن الطير لا توقع عليه إلا للاستشفاء ، ولا تعلوه ، حتى إذا طارت فوقة وحاذت الكعبة انفرقت فرقتين كما حكاه كثير.
وذكر بعضهم : أن الطير إذا نزل على الكعبة : إما أن يشفى ، وإما أن يموت لحينه ، وهذا كان سابقا وأما الآن فلا ، ذكره غير واحد ، وكان ذلك لاختلاف الزمان وقرب الساعة ، كما هو مشاهد في أحوال بني آدم حولها من قلة الأدب ، وعدم الخشية.
[٧٠] [إنجاح مقاصد الملتجئ إليها] :
ومنها إنجاح مقاصد من التجأ إليها ، ودفع الشر عنه ، وتفريج كربه ، وذلك كثير لا يحصى.
وحكي أن امرأة لاذت بظالم ، فجاء ومدّ يده إليها فصار أشلّ ، وهذا سرعة عقاب من لم يتأدب في حضرتها. ويحكى أن رجلا كان في الطواف فبرق له ساعد امرأة فوضع ساعده عليه متلذذا به ، فلصق ساعدهما ، فقال له بعض الصالحين : ارجع إلى المكان الذي فعلت فيه ، فعاهد ربّ البيت أن لا تعود بإخلاص وصدق نية! ففعل فخلي عنه ، وانفصل ساعده (٢).
__________________
(١) أورد الهيثمي في المجمع نحوها ، انظر ٣ / ٢٩١.
(٢) انظر : القرى لقاصد أم القرى ص (٢٧٢).