أقول : ومستند صاحب البحر وغيره ما ذكر مالك في المدونة : أن المقام في عهد إبراهيم كان في مكانه اليوم ، وكانت قريش في الجاهلية ألصقته بالبيت خوفا من السيول ، واستمر كذلك في عهده صلىاللهعليهوسلم وعهد أبي بكر ، فلما ولّي عمر رضياللهعنه رده إلى موضعه الآن.
واعترضه المحب الطبري : بأن سياق حديث جابر الصحيح الطويل ، وما روي نحوه يشهد لما قاله الأزرقي (١).
وردّ بأنه يمكن حمله على قول مالك ، ولا منافاة بين ذلك والله أعلم بما هنالك. وذكر الأزرقي رضياللهعنه : أن ذرع المقام ذراع ، وأن القدمين داخلان فيه سبعة أصابع (٢).
وروى ابن جماعة : أنه حرّر مقدار ارتفاعه من الأرض : فكان نصف ذراع وربع وثمن ، بذراع القماش المستعمل بمصر في زمنه ، وأعلى المقام مربع من كل جهة نصف ذراع وربع ، وموضع غوص القدمين ملبس بالفضة ، وعمقه من فوقها سبع قراريط ونصف قيراط بالذراع المتقدم ، وهذا آخر الكلام عليه (٣).
[١٧٦] [فضل المقام] :
وأما فضله فعظيم ، قال تعالى : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ) [آل عمران : ٩٧].
__________________
(١) انظر : القرى لقاصد أم القرى ص ٣٤٤ ، ٣٤٥.
(٢) الأزرقي ٢ / ٣٩.
(٣) وتكملة تحرير ابن جماعة «.. والمقام اليوم في صندوق من حديد ، حوله شباك من حديد ... وطول الشباك إلى جهة الكعبة خمسة أذرع إلّا قيراطين .. ومن صدر الشباك الذي داخله المقام إلى شاذروان الكعبة عشرون ذراعا وثلثا ذراع وثمن ذراع ، وكل ذلك بالذراع المتقدم ذكره» هداية السالك ٣ / ١٣٥١.