ولا يقال ذلك أنه مسخ بل مكرمة ، ألا ترى أنه جعل له عينين يبصر بهما يوم القيامة يشهد فيه لمن استلمه بحق ، وجعل فيه مخزون العهد الذي أخذه في عالم الذر حيث قال : ألست بربكم؟ فافهم ، فإنه بديع. ا ه.
وعنه عليه الصلاة والسلام : (إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلّم علي قبل أن أبعث وإني لأعرفه الآن (١)).
وقال ابن سيد الناس : المشهور أنه الحجر الأسود.
وقال ابن حجر في شرح المشكاة : قيل هو الحجر البارز الآن بزقاق المرفق المقابل باب الجنائز.
[١٣٤] [خواص الحجر الأسود] :
ومن خواص الحجر : أنه لا يغرق بل يطفو ، وإذا دخل النار لا يحمى ، وأنه قد أزيل من مكانه غير مرة ثم أعاده الله إليه ، ووقع ذلك من جرهم ، وآباد ، والعمالقة ، وخزاعة ، والقرامطة ، وآخر من أزاله منهم أبو طاهر سليمان بن الحسن القرمطي في موسم سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، وحصل منه يوم التروية أذى عام من نهب الحجاج ، وسفك الدماء حتى سال بها الوادي ، ورمى بعض القتلى في بئر زمزم حتى امتلأت ، وأصعد رجلا على أعلى البيت ليقلع الميزاب ، فتردى على أعلى رأسه ومات ، وأخذ الحجر وانصرف به ، فعلقه في الأسطوانة السابقة في جامع الكوفة ؛ لظنّه الفاسد بأن الحج ينتقل إليها ، واستمر عنده إلى أن اشتراه منه المطيع لله أبو الفضل بن المقتدر ، ثم أعيد إلى مكانه سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ، ولما ذهب به هلك تحته أربعون جملا وقيل ثلاثمائة ، ولما أعيد إلى مكة حمله على قعود
__________________
(١) أخرجه مسلم (٢٢٧٧).