فعرفت أنه ليس فيه أحد. وقال آخر : ادخلوا الغار. فقال : وما ألاكم إلى الغار إن فيه لعنكبوتا أقدم من ميلاد محمد) (١).
وروي أن الحمامتين باضتا في أسفل النقب ، ونسج العنكبوت ، فقالوا : لو دخلا لتكسر البيض ، وتفسخ العنكبوت.
وروي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : (اللهم أعم أبصارهم (٢)) ، فعميت عن دخوله ، وجعلوا يضربون يمينا وشمالا حول الغار ، والحاصل : أن كل هذه الآيات الكبرى والأسرار العظمى وقعت عنده ، ولله ما أحسن قول الشريف البوصيري :
وا غيرتا بين أضحى الغار وهو به |
|
كمثل قلبي معمود ومأهول |
كأنما المصطفى فيه وصاحبه ال |
|
صديق ثان قد آواهما غيل |
وجلل الغار نسج العنكبوت على |
|
وهن فيا حبذا نسج وتحليل |
عناية ضل المشركون بها |
|
وما مكايدهم إلا الأضاليل |
إذ ينظرون وهم لا يبصرونهما |
|
كأن أبصارهم من زيغها حول |
وكان مكثه صلىاللهعليهوسلم فيه ثلاثا ، كما في صحيح البخاري ، وهو المشهور ، وقيل : بضعة عشر يوما.
__________________
(١) الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند ٥ / ٨٧. انظر السيرة النبوية لابن كثير ، ٢ / ٢٣٥.
(٢) أورده الملا علي في مرقاة المفاتيح ١١ / ٤ ، وقال الزيلعي : «لم أجده» تخريج الأحاديث والآثار ٢ / ٧٧ ، وانظر هذه الروايات وغيرها في تفسير ابن عطية ، ص ٨٤٦. (طبعة بن حزم).