وأكون
شريكاً في ثواب كل من اقتبس من أنواره (١) ، واهتدىٰ
بأعلامه ومناره ، واستضاء بشموسه وأَقماره . وأيّ كنز أعظم من ذلك
الثواب المستمرّ سببهُ وموجبه ـ إن شاء الله ـ الى يوم الحساب ؟ ! فإنّ مَنْ طالع كتب
الحديث ، واطّلع على ما فيها من الأحاديث ، وكلام مؤلّفيها وجَدها لا تخلو من التطويل ، وبُعد التأويل ، وصعوبة التحصيل ، وتشتّت الأخبار ، واختلاف الاختيار ، وكثرة التكرار ، واشتمال الموسوم منها بالفقه على ما لا يتضمن شيئاً من الأحكام الفقهيّة ، وخلّوه من كثير من أَحاديث المسائل الشرعيّة . وإنْ كانت بجملتها
كافيةً لاُولي الأَلباب ، نافيةً للشك والارتياب ، وافيةً بمهمّات مقاصد ذوي الأَفهام ، شافيةً في تحقيق اُمّهات الأحكام . وكنتُ كلّما برح بي
الشَغَفُ والغَرام ، وهممتُ بالشروع في ذلك المرام ، تأمّلتُ ما فيه من الخطب الجسيم ، والخطر العظيم ، فلم أزَلْ متوقّف الأَنظار ، لِما في ذلك الخاطِر من الأخطار . ودواعي الرغبة ـ في
تهذيب العلم وتسهيل العمل ـ لكامن العَزْم مثيرةٌ ، حتى استخَرْت الله ، فظهر الأمر به مراراً كثيرة . وتذكرت قول
أميرالمؤمنين عليه السلام : إذا هِبْتَ أمراً فَقَعْ فيه ، فإنَّ شدّة توّقيةِ أعظمُ (٢) من الوقوع فيه . وقوله عليه السلام : قُرِنَت
الهَيْبةُ بالخَيْبة ، والحياءُ بالحِرْمان (٣) . __________________ (١)
الى هنا كان في المرعشية ، ومن كلمة ( أنواره ) تبدأ نسخة مشهد وهي نسخة الأصل بخطّ
المصنّف رحمه الله ، ورمزنا لها بـ ( أ ) . (٢)
كذا صحّحه في نسخة مشهد ، وفي هامشه عن نسخة : مما عراك . (٣)
نهج البلاغة ٣ / ١٥٥ رقم ٢٠ .