ويحتمل أن تكون من كلام الله تعالى ، فهي تذييل للقصة وتنويه بشأن المتوكلين على الله ، أي لا ينبني التوكل إلا عليه.
[١٣ ، ١٤] (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ (١٤))
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ).
تغيير أسلوب الحكاية بطريق الإظهار دون الإضمار يؤذن بأن المراد ب (الَّذِينَ كَفَرُوا) هنا غير الكافرين الذين تقدمت الحكاية عنهم فإن الحكاية عنهم كانت بطريق الإضمار. فالظاهر عندي أن المراد ب (الَّذِينَ كَفَرُوا) هنا كفار قريش على طريقة التوجيه. وأن المراد ب (لِرُسُلِهِمْ) الرسول ـ محمّد صلىاللهعليهوسلم ، أجريت على وصفه صيغة الجمع على طريق قوله : (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) في سورة غافر [٧٠]. فإن المراد المشركون من أهل مكة كما هو مقتضى قوله : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) وقوله : (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ) إلى قوله : (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) [سورة الحديد : ٢٥] ، فإن المراد بالرسل في الموضعين الأخيرين الرسول محمد ـ عليه الصلاة والسّلام ـ لأنه الرسول الذي أنزل معه الحديد ، أي القتال بالسيف لأهل الدعوة المكذبين ، وقوله : (فَكَذَّبُوا رُسُلِي) في سورة سبأ [٤٥] على أحد تفسيرين في المراد بهم وهو أظهرهما.
وإطلاق صيغة الجمع على الواحد مجاز : إما استعارة إن كان فيه مراعاة تشبيه الواحد بالجمع تعظيما له كما في قوله تعالى : (قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) [سورة المؤمنون : ٩٩].
وإما مجاز مرسل إذا روعي فيه قصد التعمية ، فعلاقته الإطلاق والتقييد. والعدول عن الحقيقة إليه لقصد التعمية.
فلا جرم أن يكون المراد ب (الَّذِينَ كَفَرُوا) هنا كفار مكة ويؤيده قوله بعد ذلك (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ) فإنه لا يعرف أن رسولا من رسل الأمم السالفة دخل أرض مكذّبيه بعد هلاكهم وامتلكها إلا النبي محمدا صلىاللهعليهوسلم ، قال في حجة الوداع «منزلنا إن