كذلك الجزاء ، وهو من وجد في رحله.
(فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦))
(فَبَدَأَ) أي أمر يوسف ـ عليهالسلام ـ بالبداءة بأوعية بقية إخوته قبل وعاء أخيه الشقيق.
وأوعية : جمع وعاء ، وهو الظرف ،. مشتق من الوعي وهو الحفظ. والابتداء بأوعية غير أخيه لإبعاد أن يكون الذي يوجد في وعائه هو المقصود من أول الأمر. وتأنيث ضمير (اسْتَخْرَجَها) للسقاية. وهذا التأنيث في تمام الرشاقة إذ كانت الحقيقة أنها سقاية جعلت صواعا. فهو كردّ العجز على الصدر.
والقول في (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ) كالقول في (كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) [سورة يوسف : ٧٥].
والكيد : فعل يتوصل بظاهره إلى مقصد خفي. والكيد : هنا هو إلهام يوسف ـ عليهالسلام ـ لهذه الحيلة المحكمة في وضع الصواع وتفتيشه وإلهام إخوته إلى ذلك الحكم المصمت.
وأسند الكيد إلى الله لأنه ملهمه فهو مسبّبه. وجعل الكيد لأجل يوسف ـ عليهالسلام ـ لأنه لفائدته.
وجملة (ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) بيان للكيد باعتبار جميع ما فيه من وضع السقاية ومن حكم إخوته على أنفسهم بما يلائم مرغوب يوسف ـ عليهالسلام ـ من إبقاء أخيه عنده ، ولو لا ذلك لما كانت شريعة القبط تخوله ذلك ، فقد قيل : إن شرعهم في جزاء السارق أن يؤخذ منه الشيء ويضرب ويغرم ضعفي المسروق أو ضعفي قيمته. وعن مجاهد (فِي دِينِ الْمَلِكِ) أي حكمه وهو استرقاق السراق. وهو الذي يقتضيه ظاهر الآية لقوله : (ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) أي لو لا حيلة وضع الصّواع في متاع أخيه. ولعل ذلك كان حكما شائعا في كثير من الأمم ، ألا ترى إلى قولهم : (مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ) [سورة يوسف : ٧٥] كما تقدم ، أي أن ملك