لأجل التخلص من هذه المؤامرة بالهجرة إلى المدينة ولكن من أجل أن لا يلتفت الأعداء إلى غيبته لزم أن يختار شخصاً شجاعاً مستعداً للموت لينام على فراش النبي في الليلة المقررة فكان أن اختار النبي الإمام علي عليهالسلام لهذه المهمة.
وطبقاً للروايات (١) الواردة في هذه الحادثة فإن رسول الله قال لأمير المؤمنين عليهالسلام عندها : إنني قد امرت أن اهاجر إلى المدينة ولكنّ هناك أربعين رجلاً مسلّحاً من أربعين قبيلة يحاصرون هذا البيت وينتظرون طلوع الفجر ليهجموا على هذا البيت ويقتلونني فهل أنت يا عليّ مستعد لتنام في فراشي لأتمكن من التحرك نحو المدينة؟
فأجاب علي عليهالسلام الذي ملأ قلبه العشق للنبيّ وللرسالة ولم يتردد أو يشك لحظة في إيمانه وعقيدته : «يا رسول الله إذا أنا نمت في فراشك فهل تصل سالماً إلى المدينة؟»
كان هذا السؤال مهماً جداً بالنسبة إلى الإمام علي عليهالسلام فلم يسأل عن مصيره هو والخطر المحدق به في هذه الليلة بل كان فكره مشغولاً فقط بسلامة معشوقه وحبيبه رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : نعم سأصل سالماً إن شاء الله.
فوقع الإمام علي عليهالسلام من فوره على الأرض ساجداً لله تعالى سجدة الشكر على سلامة الرسول ولعلّ هذه كانت أوّل سجدة شكر في الإسلام.
فهل نجد شخصاً غير علي ابن أبي طالب يعيش العشق والحبّ لرسول الله صلىاللهعليهوآله إلى هذه الدرجة؟
نحن بدورنا نعشق هذا الإمام ونتّبع في عقيدتنا وسلوكنا هذا الإنسان الكامل.
وهكذا نام الإمام علي عليهالسلام في فراش النبي ووصل النبي سالماً إلى المدينة فلما أصبح الصباح هجم الأعداء على بيت النبي فنهض الإمام علي عليهالسلام عند ما سمع الضجة من فراشه ، فوجد الأعداء أن هذا النائم ليس هو مرادهم ومقصودهم فسألوا عليّاً : أين محمّد؟
وبدون أن تتخلل ذرة من الخوف في قلب الإمام علي عليهالسلام قال : وهل أودعتموه عندي حتّى تسألوا هذا السؤال؟
__________________
(١) وقد أورد المحدّث القمّي رحمهالله في منتهى الآمال : ج ١ ، ص ١١٠ هذه الواقعة بالتفصيل.