ولكلِّ مورد من هذه الموارد الثلاثة في استعمال كلمة «الرجس» هناك شاهد من القرآن الكريم :
ألف ـ الرجس المعنوي : وهو ما ورد في الآية ١٢٥ من سورة التوبة.
(وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ)
فإنّ عبارة «في قلوبهم مرض» تطلق غالباً على المنافقين ومن كانوا يعيشون المرض القلبي حقيقةً في نفاقهم ، وإلّا فإنّ الإنسان السليم إمّا أن يقبل الأوامر الإلهية ويكون مسلماً أو يردّها ويكون كافراً ، ولكن أن يقبلها في الظاهر وفي عالم العمل والممارسة ولكنه لا يعتقد بها في قلبه ، فهذا هو النفاق وهو نوع من المرض القلبي.
وعلى أيّة حال فإنّ كلمة «الرجس» في هذه الآية الشريفة وردت بمعنى القبح المعنوي فإنّ النفاق نوع من القبح المعنوي لا القبح المادي الظاهري.
ب ـ الرجس الظاهري والمادي : وهو ما ورد في الآية ١٤٥ من سورة الأنعام :
(قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ ...)
ومن الواضح أن الرجس استخدم في هذه الآية الشريفة بمعنى القبح المادي والظاهري.
ج ـ الرجس المعنوي والمادي : ونقرأ في الآية ٩٠ من سورة المائدة أن «الرجس» استخدم بكلا المعنيين :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)
وهنا نجد أن «الرجس» في هذه الآية الشريفة استخدم في كلا المعنيين المادي والمعنوي لأن الخمر له حكم النجاسة المادية ، ولكن القمار والأزلام ليست كذلك بل هي من الرجس المعنوي.
والنتيجة هي أن كلمة «الرجس» في الآيات الشريفة لها معنى عام وتشمل جميع القبائح الظاهرية والمعنوية والأخلاقية والعقائدية والجسمية والروحية ، وعليه فإنّ الله تعالى في آية التطهير وبإرادته التكوينية قد طهّر أهل البيت عليهمالسلام من جميع أنواع الرجس بمعناه الواسع.