إنّ وظيفة الشيعة وفقاً لهذه الرواية الذين يمثّلون أوراق هذه الشجرة الطيبة هي حفظ وحراسة الثمار الطيبة لهذه الشجرة ، أي الإمامة والولاية والزعامة.
الرابع : ويستفاد من هذه الرواية أيضاً أن العبادة بين الصفا والمروة لها شأن خاص لا يوجد في سائر أماكن المسجد الحرام ، ولكن حتّى هذه العبادة في هذا المكان المقدّس لا تساوي شيئاً بدون الولاية.
الخامس : نكرر أيضاً أنه لو كان المراد من المحبّة في هذه الرواية وسائر الروايات المشابهة هي المحبّة العادية فإنّ هالة من الإبهام والغموض ستحيط بجميع هذه الأحاديث والروايات ، ولكن إذا فسّرنا المودّة هنا بالولاية والإمامة فسيرتفع ذلك الغموض ويتّضح المعنى بصورة جليّة.
٣ ـ يروي السيوطي في «الدرّ المنثور» رواية معروفة عن الإمام زين العابدين حيث يقول : «عند ما أنزلوا اسارى كربلاء في مكان من المسجد الجامع جاء شيخ ودنا من نساء الحسين وعياله فقال : الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وأراح البلاد من رجالكم وأمكن أمير المؤمنين (يزيد) منكم. فقال له علي بن الحسين عليهماالسلام :
ـ يا شيخ هل قرأت القرآن؟
قال : نعم.
قال : فهل عرفت هذه الآية (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)
قال : نعم.
قال علي : فنحن أهل القربى يا شيخ.
قال : فبكى الشيخ ساكتاً نادماً على ما تكلم به وقال : بالله إنكم هم؟ فقال عليّ ابن الحسين : تالله إنا لنحن من غير شك وحقّ جدّنا رسول الله ...» (١).
إنّ مجموع هذه القرائن والشواهد تدلُّ على أن المودّة المذكورة في الآية الشريفة والروايات المتعلّقة بها لا يمكن أن تكون مودّة عادية ومحبّة بمعنى التعلّق العاطفي فقط.
__________________
(١) الدرّ المنثور : ج ٦ ، ص ٧ ؛ اللهوف : ص ١٧٦.