في كتابه «الغدير» شأن نزولها من أربعة وثلاثين كتباً من كتب أهل السنّة (١) ، ونقل القاضي نور الله الشوشتري هذا المطلب من ٣٦ كتاباً من كتبهم (٢) ، وعلى هذا الأساس فإنّ شأن النزول لهذه الآيات متواتر تقريباً ، وخلاصة ما ورد في شأن نزولها والمتّفق عليه في جميع المصادر الروائية والتفسيرية هو ما يلي :
إنّ الحسن والحسين مرضا فعادهم رسول الله صلىاللهعليهوآله في ناس معه فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك ، فنذر علي وفاطمة وفضة إن برءا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيّام فشفيا وما معهم شيء فاستقرض عليّ ثلاثة أصوع شعير فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال : السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اهْلَ بَيْتِ محمّد مسكينٌ من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة ، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلّا الماء (٣) ، فأصبحوا صياماً فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم سائل يتيم فآثروه ووقف عليهم أسير (٤)
__________________
(١) الغدير : ج ٣ ، ص ١٠٧ ، ونذكر هنا عشرة مصادر ممّا ذكره الغدير في شأن نزول هذه الآيات : ١ ـ نوادر الاصول : ص ٦٤ ، ٢ ـ العقد الفريد : ج ٣ ، ص ٤٢ ، ٣ ـ الكشف والبيان : ص ٣٠٧ ـ ٤٢٧ ، ٤ ـ المناقب للخوارزمي : ص ١٨٠ ، ٥ ـ مطالب السئول : ص ٣١ ، ٦ ـ نور الأبصار : ص ١٢ ـ ١٤ ، ٧ ـ فتح القدير : ج ٥ ، ص ٣٣٨ ، ٨ ـ روح البيان : ج ١٠ ، ص ٢٦٨ ، ٩ ـ الاصابة : ج ٤ ، ص ٣٨٧ ، ١٠ ـ الدرّ المنثور : ج ٦ ، ص ٢٩٩.
(٢) احقاق الحقّ : ج ٣ ، ص ١٥٧ ، ونذكر هنا عشرة مصادر أيضاً من الكتب التي ذكرها صاحب احقاق الحقّ في شأن نزول الآيات المذكورة ١ ـ الكشاف : ج ٤ ، ص ١٦٩ ، ٢ ـ أسباب النزول : ص ٣٣١ ، ٣ ـ معالم التنزيل : ج ٧ ، ص ١٥٩ ، ٤ ـ التفسير الكبير : ج ٣ ، ص ٢٤٣ ، ٥ ـ التذكرة لابن الجوزي : ص ٣٢٢ ، ٦ ـ كفاية الطالب : ص ٧٠١ ، ٧ ـ تفسير القرطبي : ج ١٩ ، ص ١٢٩ ، ٨ ـ ذخائر العقبى : ص ١٠٢ ، ٩ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١ ، ص ٧ ، ١٠ ـ تفسير العلّامة النيشابوري : ج ٢٩ ، ص ٥١١٢.
(٣) وفي هذا الزمان نرى التنوع في الأطعمة على مائدة الافطار وقد تنتهي مع الأسف بكفران النعمة وعدم الشكر بحيث لو لم يكن في المائدة سوى نوعان من الطعام فإن البعض يظهر التذمّر والامتعاض ، وهذه الحالة تنذر بالخطر ، ولكن وضع المسلمين في ذلك الزمان لم يكن جيداً ، وكان أكثر الناس يشبعون بالخبز والماء فقط.
(٤) كان المسلمون في صدر الإسلام عند ما يقع في أيديهم أسرى الكفّار يسترقونهم ويستخدموهم لإنجاز بعض الأعمال الحياتية ، ولكن بعض المسلمين لم يكن قادراً على توفير ما يحتاجه من ضروريات الحياة ، فكانوا يعتقون هؤلاء الأسرى ، وبما أن هؤلاء الأسرى لم يكن لديهم من يعيلهم في مكّة والمدينة فكانوا يسألون الناس لتحصيل قوتهم وطعامهم.