الجواب : طبقاً لتحقيقات العلماء وتصريح بعض الروايات أن علوم الأئمّة بالنسبة إلى الغيب والمستقبل هي من العلوم الإرادية ، أي أنهم لو أرادوا أن يعلموا لعلموا ، وإن لم يريدوا ذلك لا يعلمونه (١) ، فمن الممكن في هذه الواقعة إنّ الإمام علي عليهالسلام لم تتعلق إرادته بمعرفة عاقبة هذا العمل ونهايته ، ولذلك كان احتمال الخطر مرتسماً في ذهنه ، ومع ذلك كان مستعداً للتضحية والإيثار العظيم ، وعلى هذا الأساس فإن الواقعة المذكورة تعدّ افتخاراً كبيراً لأمير المؤمنين عليهالسلام ولا تتنافى مع علم الغيب للأئمّة ، والالتفات إلى هذه النكتة بإمكانه أن يزيل الكثير من الشبهات والإشكالات حول علم الأئمّة للغيب.
سؤال : لقد قلت «إنّ الإمام علي عليهالسلام لم تتعلق إرادته بأن يعلم مصيره ولذلك فإنّ احتمال الخطر موجود ومع ذلك بات الإمام علي عليهالسلام على فراش النبي صلىاللهعليهوآله وكان ذلك فضيلة كبيرة ومنقبة عظيمة له» في حين أنه قد ورد في بعض الروايات إنّ الإمام كان مطّلعاً على أنه سوف لا تصيبه مصيبة وسوف لا يواجه مشكلة في هذه العمل وقد ضمن له النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله السلامة والنجاة من الخطر (٢) ، وعليه فكيف تعدّ آية ليلة المبيت فضيلة ومنقبة لأمير المؤمنين عليهالسلام؟
الجواب : يمكننا الجواب على هذا الإشكال بصورتين :
الف : إنّ هذه الرواية مرسلة ولا سند لها وقد أوردها العلّامة الأميني بصورة مرسلة عن تفسير الثعلبي (٣) ، وبما إنها تفتقد إلى السند فلا يمكن الاعتماد عليها (٤).
ب : هناك ثلاث شروط لقبول الرواية : الأوّل هي أن يكون سند الرواية معتبر ، الثاني : أن لا تكون الرواية مخالفة لآيات القرآن الكريم ، الثالث : أن تكون مقبولة لدى علماء الدين ،
__________________
(١) للمزيد من التفاصيل يرجى مراجعة نفحات القرآن : ج ٧.
(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٣ ، ص ٢٦٢.
(٣) الغدير : ج ٢ ، ص ٤٨.
(٤) يقول أبو جعفر الإسكافي استاذ ابن أبي الحديد في جوابه على هذا الإشكال بأن هذا الكلام كذب صريح ولم ويرد عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه تكلم بهذا الكلام ، والرواية المذكورة إنما هي من المجعولات لرجل يدعى (أبو بكر الاصم) الذي أخذ عنه الجاحظ هذه الرواية (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٣ ، ص ٢٦٣).