سؤال : هل يعقل أنّ أهل الجنّة يعيشون الحسد والحقد ومع ذلك يدخلهم الله الجنّة؟
الجواب : يستفاد من بعض الروايات أن بعض الدرجات الخفيفة للحسد والحقد يمكنها أن تكون لدى المؤمن وما لم يظهرها الإنسان لا تحسب ذنباً ومعصية ولا تتنافى مع الإيمان (١) ، وبهذا فإنّ الله تعالى يطهّر قلوب هؤلاء المؤمنين من أهل الجنّة من هذه الدرجة الضعيفة من الحسد والحقد ليعيشوا في الجنّة بكامل السعادة والطمأنينة والراحة النفسية.
(تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) إنّ أهل الجنّة يسكنون في قصور وبيوت تجري من تحتها الأنهار ، أي أن الله تعالى قد بنى لهم هذه القصور والبيوت على الأنهار الجارية ، وهذا من جملة النعم الاخروية على أصحاب الجنّة والتي وردت في الكثير من الآيات الشريفة.
(وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ) فعند ما يشاهد أهل الجنّة كلُّ هذه النعم العظيمة والألطاف الإلهيّة الجليّة يتوجهون إلى ربّهم من موقع الشكر والثناء ويقولون : الحمد الذي هدانا لهذه النعم والمواهب الكثيرة ولو لا عناية الله ورعايته ما كنّا لنهتدي إليها ولا نسلك الطريق إلى الجنّة ، وأنّ رسل الله وأنبياءه كانوا يقولون الحقّ ، أجل ، فإنّ أهل الجنّة يعترفون بأن الهداية التشريعية للأنبياء والأولياء والكتب السماوية وكذلك الهداية التكوينية المنبعثة من الجوانب النفسانية والفطرية المودعة في وجود الإنسان هي التي أدّت بهم إلى اختيار طريق الجنّة وكسب رضا الله تعالى ونيل ألطافه وعناياته.
(وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فبعد أن يشكر أهل الجنّة الله تعالى على عظيم نِعمه التي لا تحصى يقال لهم أن أدخلوا الجنّة فهي التي ورثتموها بأعمالكم.
(وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا) فعند ما يستقر أهل الجنّة في مساكنهم وقصورهم وينظرون إلى ما حولهم بحثاً عن أصدقائهم ومعارفهم لا يجدون أفراداً منهم ويدركون أنهم صاروا من أهل النار وحرموا الورود إلى الجنّة وبذلك يخاطبون أهل النار :
__________________
(١) المنار ، ج ٨ ، ص ٤٢١ نقلاً عن التفسير الامثل : ذيل الآية مورد البحث.