٣ ـ «وَيَحكُمُونَ لِلنّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ» (١).
الخصوصيّة الاخرى للسابقين هي أنهم يحبّون لغيرهم ما يحبّون لأنفسهم ولا يحكمون لغيرهم إلّا بما يرونه صلاحاً لأنفسهم ، وبعبارة اخرى أنهم يرون منافعهم ومنافع الآخرين بعين واحدة ، وبلا شك إنّ هذه المرتبة الأخلاقية لا تتيسر لكلِّ شخص وليس من اليسير أن ينظر الإنسان لمصالح الآخرين كما يراها لنفسه ويذعن للحقّ من دون أن تتدخل في ذهنه عناصر الأنانية ، وبذلك ينال مرتبة السابقين.
إذا عمل الإنسان المعاصر بهذه التعليمات النبوية الثلاث فإنّ العالم سوف يتبدل إلى جنّة ، ولكن مع الأسف فإنّ تعامل دعاة حقوق الإنسان مع الشعوب الاخرى من موقع الانتهازية والرياء حوّل المجتمع البشري إلى كيانات مهزوزة وبدّل العالم إلى جهنم محرقة ولم يبق من حقوق الإنسان في أذهان البشر سوى أوهام خاوية وتوهيمات زائفة ، فعند ما يسمع أبناء البشر ادعاءات هؤلاء المدّعين والمنادين لحقوق الإنسان يتبادر إلى أذهانهم مفاهيم جديدة وهي «حفظ منافع السلطات الاستكبارية بأي قيمة وبأي شكل كان».
__________________
(١) نوادر الراوندي : ص ١٥ نقلاً عن بحار الأنوار : ج ٦٦ ، ص ٤٠٣.