الجواب : القرآن كتاب لتهذيب الإنسان ، والتاريخ البشري له دور مهم في تعليم وتربية الإنسان في حركة حياته الفردية والاجتماعية ، والخلاصة أن الإنسان يعيش التجربة والحوادث المتنوعة في هذه الحياة وما أحسن أن يستفيد الإنسان من تجارب الآخرين على مستوى العبرة والسلوك العملي لا أن يتمنّى كما يقول بعض الشعراء أن يعيش ويحيى مرتين ويجعل إحدى الحياتين لممارسة التجارب والثانية للاستفادة من تلكم التجارب الماضية.
يقول تبارك وتعالى في الآية ١١١ من سورة يوسف :
(لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ)
ويشير أيضاً في بداية سورة الحاقة إلى قصص الأنبياء والسابقين مع أقوامهم حيث سنتعرض هنا إلى شرح وتفسير هذه الآيات المباركة :
(وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ)
إنّ فرعون والأقوام التي سبقته أي قوم شعيب ، عاد ، ثمود وأقوام اخرى وكذلك المدن المؤتفكة أي المنقلبة والمدمَّرة بسبب تلوّث أهلها بالخطيئة والذنوب الكبيرة ، «المؤتفكات» جمع «مؤتفكة» وتشير إلى قصة قوم لوط عند ما نزل عليهم العذاب الإلهي وأصابهم الزلزال المهيب ودمر بيوتهم ومنازلهم بحيث إنّ الرائي لها يحسبها قد انقلبت رأساً على عقب وبعد الزلزال نزل عليهم مطر من الشهب والأحجار الموسومة ودمّر ما تبقى من آثارهم ، والسبب في نزول هذا العذاب هو ممارستهم الخطيئة والإصرار على الذنوب حيث أشارت الآية إلى هذا المعنى «بالخاطئة».
(فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً)
إنّ الأقوام السالفة تحرّكوا في سلوكياتهم مقابل دعوة الأنبياء من موقع العناد والابتعاد عن الحقّ ولذلك أنزل عليهم الله تعالى العذاب الشديد ، والتعبير بقوله «ربّهم» إشارة إلى أنّ الله تعالى أراد تهذيبهم وصلاحهم بإرساله الأنبياء إليهم ولكنّ بعض الناس أصرّوا على معتقداتهم الزائفة ولم يستجيبوا لدعوات الأنبياء وتعاليمهم الإلهية والصادرة من ولي أمرهم ومربّيهم ولذلك استحقوا العذاب والعقاب الشديد.
(إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ)