هذه الأيمان وفتح لكم أبواب حلّ المشكل بحكمته ، ويستفاد من الروايات الشريفة أن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله بعد نزول هذه الآية أعتق رقبة وتحرر من القسم الذي حرّم بواسطته ما كان حلالاً له.
وتتحرّك الآية التي بعدها على مستوى شرح وبيان الواقعة بتفصيل أكثر وتقول :
(وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ)
فهنا تتحدّث الآية الشريفة عن حديث النبي صلىاللهعليهوآله لبعض أزواجه في سرّ معيّن ولكنّ هذه الزوجة لم تحفظ السرّ بل أفشته وأعلنت عنه ، ولكن ما ذا كان هذا السرّ ومن هي الزوجة التي تحدّث النبي معها وأطلعها على هذا السرّ فسوف يأتي في بحث شأن النزول لاحقاً.
ويتّضح من مجموع هذه الآيات القرآنية أنّ بعض نساء النبي صلىاللهعليهوآله مضافاً إلى توجيه الإساءة إليه بكلامهنّ فإنّهنّ لم يحفظنّ السرّ معه والذي يعتبر أهم العناصر في العلاقات الزوجية بأن تكون الزوجة وفيّة لزوجها وتحفظ أسراره ، ولكننا نرى خلاف ذلك في بيت النبوّة ، ومع ذلك فنلاحظ أن سلوك النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله مع كلّ هذه التعقيدات والمواقف السلبية من بعض زوجاته إلّا أنه لم يكن مستعداً للكشف عن جميع السرّ الذي أفشته زوجته ويوبخها على ذلك بل اكتفى بالإشارة إلى بعضه فقط «عرّف بعضه وأعرض عن بعض» ولذا ورد في الحديث الشريف عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال :
ما اسْتَقْصى كَريمٌ قَطُّ لَانَّ اللهَ يَقُولُ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَاعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ (١).
ثمّ تتوجه الآية بالخطاب إلى الزوجتين مورد البحث وتقول :
(إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) فلو انتهيتما من إساءة النبي عليهالسلام وتبتما إلى الله فإنّ ذلك يعود عليكما بالنفع لأنّ قلوبكما قد انحرفت بهذا العمل عن خطّ الحقّ وتلوثت بالذنب.
والمراد بهاتين الزوجتين كما صرّح به المفسّرين من الشيعة والسنّة : «حفصة» بنت عمر
__________________
(١) الميزان : ج ١٩ ، ص ٣٣٨.