ولكن يمكن أن يقال في مقام الجواب أن هذه النظرية أيضاً لا تنسجم مع ظاهر الآية الشريفة لأن كلمة «هادٍ» وردت في هذه الآية «نكرة» في حين أن الله تعالى هو أعرف المعارف وأجلى ما يكون عن الخفاء والتنكير ، مضافاً إلى أن ظاهر الآية يدلُّ على وجود «هادٍ» لكلِّ قوم من الأقوام السالفة لا أن الهادي لجميع الأقوام هو شخص واحد ، وعليه فإنّ هذا التفسير لا يتناسب مع أجواء الآية الشريفة.
٣ ـ هو أن يقال بأن الهادي شخص آخر غير الله تعالى وغير نبيّه الكريم ، فهل يمكن أن يكون المقصود بهذه الكلمة هم العلماء من كلِّ قوم وطائفة؟ كلا ، لا يمكن أن يكون المقصود هو العالم من كلِّ قوم ، لأن كلمة «هادٍ» وردت نكرة كما تقدّم ، والنكرة تدلُّ على الوحدة ، أي أن لكلِّ قوم وطائفة هادٍ واحد من الناس ، فمن هو هذا الشخص الهادي للُامّة الإسلامية؟
ومع الأخذ بنظر الاعتبار مجموع ما تقدّم من أبحاث في تفسير هذه الآية يمكن القول في شرح معناها والمراد منها كما يلي :
«أيُّها النبي : أنت المنذر والمؤسس للرسالة الإسلامية والدين الإسلامي ولكلِّ دين هناك شخص بمثابة الحافظ والحارس لهذا الدين والذي يأخذ بعهدته هداية الناس إلى الله تعالى وسوقهم إلى الحقّ».
ومن جهة اخرى فإنّ اتحاد السياق يقتضي أن يكون تعيين هذا الهادي ونصبه من قبل الله تعالى ، كما أن المنذر وهو النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله معيّن ومنصوب من الله تعالى.
وعلى هذا الأساس فإنّ الهادي لا يقصد به الله تعالى أو النبي أو علماء الامّة بل يجب أن يكون شخصاً آخر معيّناً ومنصوباً من قبل الله تعالى.
ومن جهة ثالثة فإنّ الشخص الوحيد الذي ورد في حقّه نصٌّ صريح من رسول الله صلىاللهعليهوآله على ولايته وإمامته هو الإمام علي عليهالسلام ولا يوجد نصٌّ في هذا الشأن لغيره من الصحابة ، وحتّى أن علماء أهل السنّة لم يدّعوا مثل هذا الادعاء ، وعليه فلو قلنا أنّ «المنذر» هو رسول الله و «الهادي والإمام» هو الإمام علي عليهالسلام المنصوب لهذا المقام من قبل الله تعالى وبواسطة نبيّه الكريم فإنّ هذا المعنى يتناسب مع أجواء الآية الشريفة.