شأن نزول سورة الإنسان (سورة الدهر) بأن الإمام علي وأهله كانوا قد صاموا في ذلك اليوم وجاء سائل على الباب وطلب منهم طعاماً فأعطوه طعامهم الذي كانوا قد أعدّوه للافطار وأفطروا ذلك اليوم بالماء القراح ، والخلاصة أن الإمام علي لم يكن يمتلك طعاماً ليوم آخر ، فكيف تتعلق في ماله الزكاة الواجبة حتّى يؤديها في حال الركوع؟
الجواب : في مقام الجواب على هذا الإشكال وبالأحرى هذه الشبهة نقول :
أوّلاً : إنّ الأحكام الشرعية في الإسلام تتضمن الزكاة الواجبة والمستحبة لأن جمع الزكاة تم بعد هجرة النبي إلى المدينة في حين أن السور المكيّة تتحدّث عن الزكاة أيضاً وكانت تحث المسلمين على أداء الزكاة في مكّة ، والمراد منها حتماً الزكاة المستحبة أو الزكاة الواجبة التي لم تكن تجمع قبل زمن تشكيل الحكومة الإسلامية.
ونلفت النظر إلى ثلاث نماذج من الآيات الشريفة النازلة في مكّة :
ألف) نقرأ في الآية الرابعة من سورة المؤمنون التي هي سورة مكيّة :
(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ)
في هذه الآية الشريفة ذكرت صفة من صفات المؤمنين وهي أداء الزكاة ، وبما أن هذه السورة مكيّة والآية نزلت قبل تشريع حكم الزكاة فنعلم أن المراد من الزكاة هنا هي الزكاة المستحبة.
ب) ونقرأ في الآية الثالثة من سورة النمل في وصف المؤمنين :
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)
ومعلوم أن سورة النمل من السور المكيّة ، وعليه يكون المراد من الزكاة هنا هي الزكاة المستحبة.
ج) ونقرأ في الآية ٣٩ من سورة الروم :
(وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ)
فهذه السورة من السور المكيّة أيضاً والمراد من الزكاة هنا الزكاة المستحبة.
وعليه فطبقاً لما ورد في القرآن الكريم أن الزكاة تشمل الواجبة والمستحبة كما ورد في فقه الشيعة أن بعض الأجناس تتعلق بها الزكاة الواجبة وبعضها تتعلق بها الزكاة المستحبة.