الكواكب عن الجريان ، وقد علمت أن الحركة ذاتية لهذه الطبائع الكونية ، فإذا سكنت بطلت وبطل ترتيب الزمان ، ووقف الكون والفساد ، وانقطع الحرث والنسل ، وانتقل الأمر إلى النشأة الآخرة ، كما مر من قوله : (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ) في الحركة الرجوعية للموجودات المتعلقة بالمواد في يوم من أيام الربوبية (مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) و (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ) وأما يوم عروج الكل ورجوعهم إلى الله في القيامة الكبرى وهو (يَوْمَ الْجَمْعِ) ويوم ذي المعارج ، فمقداره كما قال الله تعالى : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) وقوله في الزمر : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) أي صور الأشياء في عالم القضاء الحتمي (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ). وقد مر بيانه.
وفي الحديث عن النبي ، صلىاللهعليهوآله : «إنه يموت أهل الأرض حتى لا يبقى أحد ، ويموت أهل السماء حتى لا يبقى أحد إلا ملك الموت وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل ...» قال : «فيجيء ملك الموت حتى يقوم بين يدي الله عزوجل ويقال له : من بقي ، وهو أعلم بذلك ، فيقول لم يبق إلا ملك الموت وحملة العرش وجبرئيل وميكائيل ، فيقال : فليموتا جبرئيل وميكائيل ، فيقول الملائكة : وهما رسولاك وأميناك ، فيقول : إني قضيت على كل نفس فيها الروح الموت ، ثم يجيء ملك الموت حتى يقف بين يدي الله عزوجل ، فيقال له من بقي وهو أعلم بذلك ، فيقول لم يبق إلا ملك الموت وحملة العرش ، فيقول ، قل لحملة العرش فليموتوا ، قال : ثم يجيء ملك الموت كئيبا حزينا لا يرفع طرفه ، فيقال : من بقي فيقول لم يبق إلا ملك الموت ، فيقال له : مت يا ملك الموت ، ثم يأخذ الأرض بيمينه والسماوات بيمينه ، ويقول أين الذين كانوا يدعون معي شريكا ، أين الذين كانوا يجعلون معي إلها ، (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى ، فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) ...» لتحققهم بالوجود الأخروي الباقي بدلا عن الوجود الدنيوي الداثر وبالوجود التام الحقاني بدلا عن الوجود الناقص الإمكاني. قوله في حمعسق : (اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) وفي الزخرف (وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ) وفي ق : (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ